للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣١٧٤ - * روى مسلم عن الأغر المزني (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله صلى الله يقول: "إنه ليغان على قلبي، حتى أستغفر الله في اليوم مائة مرة".

وفي رواية (١) قال: سمعته يقول: "توبوا إلى ربكم، فوالله إني لأتوب إلى ربي تبارك وتعالى مائة مرة في اليوم".

وفي رواية (٢) أبي داود: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة".

أقول: فالغين في حقه عليه الصلاة والسلام غير الغين في حقنا، فغينه غين أنوار، والغين في حقنا غين أكدار وأغيار.

وهناك اتجاهات متعددة لخصها النووي رحمه الله في شرح المراد بهذا الغين وها نحن ننقل لك كلامه (شرحه على مسلم ١٧/ ٢٣ - ٢٤): قال القاضي قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنباً واستغفر منه قال وقيل هو همه بسبب أمته وما أطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم وقيل سببه اشتغاله بالنظر في مصالح أمته وأمورهم ومحاربة العدو ومداراته وتأليف المؤلفة ونحو ذلك فيشتغل بذلك من عظيم مقامه فيراه ذنباً بالنسبة إلى عظيم منزلته وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال فهي نزول عن عالي درجته ورفيع مقامه من حضوره مع الله تعالى ومشاهدته ومراقبته وفراغه مما سواه فيستغفر لذلك وقيل يحتمل أن هذا الغين هو السكينة التي تغشى قلبه لقوله تعالى (فأنزل السكينة عليهم) ويكون استغفاره إظهاراً للعبودية والافتقار وملازمة الخشوع وشكراً لما أولاه وقد قال المحاشي: خوف الأنبياء والملائكة خوف


٣١٧٤ - مسلم (٤/ ٢٠٧٥) ٤٨ - كتاب الذكر والدعاء، ١٢ - باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه.
(١) مسلم ص ٢٠٧٦.
(٢) أبو داود (٢/ ٨٥) كتاب الصلاة، باب في الاستغفار.
(ليغان على قلبي) أي: ليغطى ويغشى، والمراد به: السهو، لأنه كان صلى الله عليه وسلم لا يزال في مزيد من الذكرب والقربة ودوام المراقبة، فإذا سها عن شيء منها في بعض الأوقات، أو نسي، عده ذنباً على نفسه ففزع إلى الاستغفار. ابن الأثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>