للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[- مخاطبة العدو قبل القتال]

٤٨٥٠ - * روى البخاري عن جُبير بن حية (رحمه الله) قال: "بعث عمر الناس في أفناء الأمصار، يقاتلون المشركين، فأسلم الهرمزانُ، قال: إني مستشيرك في مغازي هذه، قال: نعم، مثلها ومثل من فيها من الناس، من عدوِّ المسلمين: مثلُ طائر له رأسٌ، وله جناحان، وله رجلان، فإن كُسر أحد الجناحين، نهضت الرجلان بجناحِ والرأسُ، فإن كسر الجناح الآخر، نهضت الرجلان والرأس، وإن شُدخَ الرأسُ، ذهبت الرجلان والجناحان والرأس، فالرأس: كسرى، والجناح: قيصر، والجناح الآخر: فارس، فمر المسلمين أن ينفروا إلى كسرى، قال جبير بن حية: فندبنا عمر، واستعمل علينا النعمان بن مُقرنٍ حتى إذا كنا بأرض العدو، خرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفاً، فقام ترجمان، فقال: ليكلمني رجلٌ منكم، فقال المغيرة: سل عما شئت، فقال: ما أنتم؟ قال: نحن ناسٌ من العرب، كنا في شقاءٍ شديدٍ وبلاءٍ شديدٍ: نمصُّ الجلد والنوى من الجوع، ونلبسُ الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك، إذ بعث ربُّ السماوات ورب الأرضين - تعالى ذكره وجلت عظمته - إلينا نبياً من أنفسنا، نعرفُ أباه وأمه، فأمرنا نبينا؛ رسول ربنا صلى الله عليه وسلم: أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا: أنه من قُتل منا صار إلى الجنة، في نعيم لمْ يُرَ مثله، ومن بقي منا ملك رقابكم، فقال النعمان: ربما أشهدك الله مثلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يُندمك، ولم يخزك، ولكني شهدتُ القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا لمْ يقاتل في أول النهار، انتظر حتى تهُب الأرواح، وتحضُر الصلاة".

وأخرج الترمذي (١) طرفاً من هذا الحديث عن معقل بن يسار، وهذا لفظه، قال معقل ابن يسار: "إن عمر بن الخطاب بعث النعمان بن مُقرنٍ إلى الهرمزان- فذكر الحديث


٤٨٥٠ - البخاري (٦/ ٢٥٨) ٥٨ - كتاب الجزية والموادعة، ١ - باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب.
(١) الترمذي (٤/ ١٦٠) ٢٢ - كتاب السير، ٤٦ - باب ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال.
(أفناء) الأفناء: جمع فناء، وهو ما امتد من نواحي الأرض.
(فندبنا) أي بعثنا إلى الغزاة والجهاد.
(ولم يُخزك) من الخزاية: الاستحياء، أو هو من الخزي: الهوان.
(الأرواح) جمع ريح، لأن ياءها منقلبة عن واوٍ، فعادت في الجمع إلى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>