للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرجه النسائي، قال: "قلت: يا رسول الله، هل من ساعةٍ أقرب من الله عز وجل من الأخرى؟ أو هل من ساعة يُبتغى ذكرُها؟ قال: "نعم، إن أقرب ما يكون الربُّ عز وجل من العبد جوفُ الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكُنْ، فإن الصلاة محضورةٌ مشهودةٌ إلى طلوع الشمس، فإنها تطلعُ بين قرنيْ شيطان وهي ساعةُ صلاة الكفار، فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رُمحٍ، ويذهب شُعاعها، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تعتدل فدع الصلاة حتى يفيء الفيءُ، ثم الصلاة محضورةٌ مشهودةٌ، حتى تغيب الشمس، فإنها تغيبُ بين قرني شيطان وهي صلاة الكفار".

أقول: هاتان الروايتان من أقوى الأدلة على جواز النفل المطلق وأن اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه أن يصلي في الليل عدداً معلوماً لا ينفي جواز صلاة أكثر من ذلك عدداً.

جاء في (شرح السنة ٣/ ٣٢١):

قوله: "ومعها قرنُ الشيطان" قيل: أراد به حزبه، قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (١) والمرادُ بالقَرْن هاهنا: عبدةُ الشمس، فإنهم يسجدون للشمس في هذه الأوقات، وقيل: "قرْنُ الشيطان" أي: قوَّتُه، من قولهم: فلانٌ مقرنٌ لهذا الأمر، أي: مطيقٌ له، وهو مثلٌ يريد به التسلُّط، وذلك لأن الشيطان إنما يقوى أمره في هذه الأوقات، لأنه يُسَوِّلُ لعبدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات الثلاثة، وقيل: معناه: أن الشيطان يُدني رأسه من الشمس في هذه الساعات حتى يكون طلوعها وغروبها بين قرنيه، وهما جانبا رأسه من الشمس، فينقلب سجودُ عبدة الشمس للشمس عبادةً للشيطان. اهـ.


(١) (قيس - قيد رُمحٍ) قيسُ الشيء: قدرُه، وكذلك: قيدُه، بكسر القاف.
(حتى يفيء الفيءُّ) فاء الفيء يفيء: إذا رجع من الغرب إلى جانب الشرق.
(١) الأنعام: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>