للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالاتخاذ أعم من أن يكون ابتداعاً أو اتباعاً فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت، ولا ريب أن النصارى تعظم قبور كثير من الأنبياء الذين تعظمهم اليهود. اهـ (فتح ١/ ٥٣٢) وفائدة النص على زمن النهي هي الإشارة إلى أنه من الأمر المحكم الذي لم ينسخ لكونه صدر في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، كما قال الحافظ. (فتح ١/ ٥٢٥).

قال ابن حجر: وإنما فعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدوا كاجتهادهم، ثم خلف من بعدهم خلوف جهلوا مرادهم ووسوس لهم الشيطان أن أسلافكم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فعبدوها، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك سداً للذريعة المؤدية إلى ذلك. وفي الحديث دليل على تحريم التصوير، وحمل بعضهم الوعيد على من كان في ذلك الزمان لقرب العهد بعبادة الأوثان، وأما الآن فلا. وقد أطنب ابن دقيق العيد في رد ذلك ...

وقال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها واتخذوها أوثاناً لعنهم: ومنع المسلمين عن مثل ذلك، فأما من اتخذ مسجداً في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد وفي الحديث جواز حكاية ما يشاهده المؤمن من العجائب، ووجوب بيان حكم ذلك على العالم به، وذم فاعل المحرمات، وأن الاعتبار في الأحكام بالشرع لا بالعقل. وفيه كراهية الصلاة في المقابر سواء كانت بجنب القبر أو عليه أو إليه (فتح ١/ ٥٢٥).

١٤٦٦ - * روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد".

١٤٦٧ - * روى مالك عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".


١٤٦٦ - مجمع الزوائد (٢/ ٢٧) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن.
١٤٦٧ - الموطأ (١/ ١٧٢) ٩ - كتاب قصر الصلاة في السفر، ٢٤ - باب جامع الصلاة، وهو صحيح مرسلاً وموصولاً.
(وثناً) الوثن: الصنم، وما يعبد من دون الله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>