للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلمُ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا.

أقول: هذا أصل في الحرص على الرواية عن الأكابر لأنهم يعرفون كيف يضعون الأمور في مواضعها والنصوص في محالها ويعرفون الدقائق والحقائق والأسباب المؤثرة في الفتوى.

١٢٩ - * روى أحمد عن أبي حُميد وأبي أُسيد رفعاه: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفُه قلوبُكم وتلينُ له أشعاركم وأبشارُكم وترون أنه منكم قريبٌ فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفرُ أشعارُكم وأبشارُكم منه وترون أنه منكم بعيدٌ فأنا أبعدكم منه".

أقول: هذا الحديث أصل في التفتيش عن علل الحديث الذي أصبح علماً برأسه، ولكن هذا لا يستطيعه إلا الأئمة الذين أحاطوا بالسنة رواية ودراية، أو الأئمة المجتهدون الذين أحاطوا بالشريعة رواية ودراية، ولا يصح أن يدَّعي هذا المقام أحد إذا لم يكن من مثل ما ذكرناه، فإنه إن فعل فذلك باب من أبواب الضلال العريض، فقد قالوا إن منكرَ الحديث الصحيح فاسق ومنكِرَ المتواتر كافر، فلا يؤمن على أحد يتكلم بدون علم إثباتاً أو نفياً لصحة حديث أو لقبول حديث موضوع أن يدخل في دائرة الفسوق أو الضلال أو الكفر.

١٣٠ - * روى مسلم عن مجاهد رحمه الله قال: جاء بُشير العدويُّ إلى ابن عباس رضي الله عنه، فجعل يُحدِّث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم] وجعل ابنُ عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه، فقال بُشيرٌ: يا ابن عباس مالي لا أراك تسمعُ لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسمع؟ فقال ابن عباس: إنا كنا مرةً إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدرتْهُ أبصارُنا، وأصْغَيْنَا إليه بأسماعنا، فلما ركب الناس الصعبَةَ والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرفُ".


= مجمع الزوائد (١/! ٣٥) باب- أخذ كل علم من أهله، وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثقون.
١٢٩ - أحمد (٣/ ٤٩٧).
كشف الستار (١/ ١٠٥) باب- معرفة أهل الحديث بالصحة والضعف.
مجمع الزوائد (١/! ٤٩) وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح.
١٣٠ - مسلم (١/! ٣) المقدمة، ٤ - باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط فيها.
(لا يأذن لحديثه): لا يصغي.
(الصعبة والذلول) أراد بالصعبة والذلول: شدائد الأمور وسهولتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>