للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


فأما إن قال الموصي: حجوا عني بألف. ولم يقل: واحدة، لم يحج عنه إلا حجة واحدة، وما فضل للورثة. صرح بهذه الصورة أيضاً صاحب «الإقناع» واستشكلها بعضهم وادَّعى تخريجها على ضعيفٍ. وأقول: يمكن توجيه ذلك كلِّه؛ بأن قوله في الصورة الأولى: أوصيت أن يحج عني بألف. في قوة قوله: أوصيت بألفٍ في الحج؛ لأن «أن» والفعل بعدها في تأويل مصدر معرف، كما تقرر في محله، فحيث جعل الألف في جهة الحج، وجب صرفه كله فيه، ولو مرة بعد أخرى، لا سيما و «الـ» في الحج المؤول صالحة لاستغراق الأفراد الممكنة، فهو من قبيل الاستغراق العرفي، وهذا بخلاف ما إذا قال: يحجُّ عني حجة بألف. فإنه قوله: حجة، مفيد للوحدة، وأن الألف يصرف إلى من يفعلها، فوجب امتثال ذلك، كما صرح به الكتابان أيضًا. وأما الصورة الثالثة التي انفرد بها صاحب «الإقناع» عن «المنتهى»، وهي قوله: حجوا عني بألف ... إلخ، فإنه أتى بالفعل الغير المؤول بالمصدر، فليست كالصورة الأولى، ولم يقل: حجة واحدة، فليست كالثانية، بل أتى بالفعل فقط. ومن المقرر المشهور أن الأفعال نكرات، والنكرة عند الإطلاق إنما تقتضي وجود الماهية، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>