للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القَضاءُ للحاضِراتِ بعدَ قُدومِه. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. وحُكِىَ عن داودَ، أنَّه يَقْضِى؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (١). ولَنا، أنَّ عائشةَ لم تذْكُرْ قضاءً في حدِيثِها، ولأَنَّ هذه التى سافرَ بها يَلْحَقُها مِن مَشَقَّةِ السَّفَرِ بإزاءِ ما حَصَل مِن السَّكَنِ، [ولا يَحْصُلُ لها مِن السَّكَنِ] (٢) مثلُ ما يحْصُلُ في الحَضَرِ، فلو قَضَى للحاضِراتِ، لَكانَ قد مالَ على المُسافِرَةِ كلَّ المَيْلِ، لكن إن كان سافَرَ (٣) بإحْداهُنَّ بغيرِ قُرْعَةٍ، أَثِمَ، وقَضَى للبَواقِى بعدَ سَفَرِه. وبه قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: لا يَقْضِى؛ لأَنَّ قَسْمَ الحضَرِ ليس بمثْل لقَسْمِ السَّفَرِ، فيتعَذَّرُ القَضاءُ. ولَنا، أنَّه خصَّ بعضَهُنَّ بمُدَّةٍ، على وَجْهٍ تَلْحَقُه التُّهْمَةُ فيه، فلَزِمَه القَضاءُ، كما لو كان حاضرًا. إذا ثَبَت هذا، فيَنْبَغِى أن لا يَلْزَمَه قَضاءُ المُدَّةِ، وإنَّما يَقْضِى منها ما أقامَ منها بمَبِيتٍ ونحوِه، فأمَّا زَمانُ السَّيْرِ، فلم يحْصُلْ لها منه إلَّا التَّعَبُ والمَشَقَّةُ، فلو جَعلَ للحاضِرَةِ في مُقابَلَةِ ذلك مَبِيتًا عندَها، واسْتِمْتاعًا بها، لَمالَ كُلَّ المَيْلِ.


(١) سورة النساء ١٢٩.
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: «مسافرًا».