للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنَّه قال: إذا ماتَ بعدَ العَزْمِ أو طَلَّقَ فعليه الكفَّارَةُ. وهذا قولٌ مالكٍ، وأبي عُبَيدٍ. وقد أنْكَرَ أحمدُ هذا، وقال: مالِكٌ يقولُ: إذا أجْمَعَ لَزِمَتْه الكفَّارَةُ. فكيفَ يكونُ هذا! لو طَلَّقَها بعدَ ما يُجْمِعُ كان عليه كفَّارَةٌ! إلَّا أنَّ يكونَ يذْهَبُ إلى قَوْلِ طاوُسٍ: إذا تَكَلَّمَ بالظِّهارِ (١) لَزِمَه مِثْلُ الطَّلاقِ. ولم يُعْجِبْ أحمدَ قولُ طاوُسٍ. وقال أحمدُ، في قوله تعالى: [{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}. قال: العَوْدُ الغِشْيانُ، إذا أرادَ أنَّ يَغْشَى كفَّرَ. واحْتَجَّ مَن ذهبَ إلى هذا بقَوْلِه تعالى] (٢): {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}. فأوْجَبَ الكفّارَةَ بعدَ العَودِ قبلَ التَّماسِّ، وما يَحْرُمُ قبلَ الكفَّارَةِ، لا يجوزُ كَوْنُه مُتَقَدِّمًا عليها، ولأنَّه قَصَدَ بالظِّهارِ تحْرِيمَها، فالعَزْمُ على وَطْئِها عَوْدٌ فيما قَصَدَه، ولأنَّ الظِّهارَ تَحْرِيمٌ، فإذا أرادَ اسْتِباحَتَها فقد رَجَعَ في ذلك التّحْرِيمِ، فكان عائِدًا. وقال الشافعيُّ: العَوْدُ إمْسَاكُها بعدَ ظِهارِه زَمنًا يُمْكِنُه طَلاقُها فيه؛ لأنَّ ظِهارَه منها يَقْتَضِي إبانَتَها، فإمْساكُها عَوْدٌ فيما قال. وقال داودُ: العَوْدُ تَكْرارُ الظِّهارِ مرَّةً ثانِيَةً؛ لأنَّ العَوْدَ في الشيءِ إعادَتُه. ولَنا، أنَّ العَوْدَ فِعْلُ ضِدِّ قَوْلِه، ومنه العائِدُ في هِبَتِه، هو الرَّاجِعُ في المَوْهُوبِ، والعائِدُ في عِدَتِه، التَّارِكُ للوَفاءِ بما وَعَدَ، والعائِدُ فيما نُهِيَ عنه فاعِلُ المَنْهِيِّ عنه.


(١) تكملة من المغني ١١/ ٧٣.
(٢) سقط من: الأصل، تش.