للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والرِّوايةُ الثَّانِيَةُ، الاعْتِبارُ بأغْلَظِ الأحْوالِ مِن حينِ الوُجُوبِ إلى حينِ التَّكْفِيرِ، فمتى وَجَدَ رَقَبَةً فيما بينَ الوُجُوب إلى حينِ التَّكْفِيرِ، لم يُجْزِئه إلَّا (١) الإِعْتاقُ. وهو قولٌ ثانٍ للشافعيِّ؛ لأنَّه حَقٌّ يَجِبُ في الذِّمَّةِ بوُجودِ مالٍ، فاعْتُبِرَ فيه أغْلَظُ الأحْوالِ كالحَجِّ. وله قولٌ ثالِث، أنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الأداءِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ؛ لأنَّه حَق له بَدَلٌ مِن غيرِ جِنْسِه، فكان الاعْتِبارُ فيه بحالةِ الأداءِ، كالوُضُوءِ. ولَنا، أنَّ الكفَّارَةَ تَجِبُ على وَجْهِ الطُّهْرَةِ، فكان الاعْتِبارُ فيها بحالةِ الوُجُوبِ كالحدِّ، أو نقُولُ: مَن وَجَبَ عليه الصِّيامُ في الكفَّارَةِ، لم يَلْزَمْه غيرُه، كالعَبْدِ إذا عَتَقَ. ويُفارِق الوُضُوءَ، فإنَّه لو تَيَمَّمَ ثم وَجَدَ الماءَ (٢)، بَطَلَ تَيَمُّمُه، وههُنا لو صامَ، ثم قَدَرَ على الرَّقَبَةِ، لم يَبْطُلْ صَوْمُه، وليس الاعْتِبارُ في الوُضُوءِ بحالةِ الأداءِ، إنَّما الاعْتِبارُ بأداءِ الصَّلاةِ. فأمَّا الحَجُّ فهو عبادةُ العُمْرِ، وجَمِيعُه وقتٌ لها، فمتى قَدَرَ عليه في جُزْءٍ مِن وَقْتِه، وَجَبَ، بخِلافِ مَسْألتِنا. ثم يَبْطُلُ ما ذكَرُوه [بالعبدِ إذا عَتَقَ، فإنَّه لا يَلْزَمُه الانتقالُ إلى العِتْقِ مع ما ذَكَرُوه] (٣). فإن قِيلَ: العبدُ كان مِمَّن لا تَجبُ عليه الرَّقَبَةُ، ولا تُجْزِئُه في حالِ رِقِّه، فلَمَّا لم تُجْزِئْه، لم تَلْزَمْه بتَغَيُّرِ الحالِ، بخلافِ مَسْألَتِنا. قُلْنا: هذا (٤) لا أثَرَ له.


(١) سقط من: تش.
(٢) بعده في م: «لما».
(٣) سقط من: م.
(٤) بعده في م: «مما».