للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَصْلٌ: وَلَا يُجْزِئُ الإخْرَاجُ إلا بِنِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ الإعْتَاقُ وَالصِّيَامُ.

ــ

القاضي: إن عَلِمَ أنَّه وَصَلَ إلى كلِّ واحدٍ قَدْرُ حَقِّه، أجْزَأ، وإن لم يَعْلَمْ، لم يُجْزِئْه؛ لأنَّ الأصْلَ شَغْلُ ذِمَّتِه، ما لم يَعْلَمْ وُصُولَ الحَقِّ إلى مُسْتَحِقِّه. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه دَفَعَ الحَقَّ إلى مُسْتَحِقِّه مُشَاعًا، فقَبِلُوه، فبَرِئَ منه، كدُيُونِ غرَمائِه.

فصل: ولا يَجِبُ التّتابُعُ في الإطْعامِ. نَصَّ عليه أحمدُ، في روايةِ الأثْرَمِ، وقيل له: يكونُ عليه كفَّارَةُ يَمِينٍ، فيُطْعِمُ الصَوْمَ واحِدًا، والآخَرَ بعدَ أيَّامٍ، وآخَرَ بَعْدُ حتى يَسْتَكْمِلَ عَشَرَةً؟ فلم يَرَ بذلك بأْسًا؛ وذلك لأنَّ اللهَ تعالى لم يَشْتَرِطِ التَّتابُعَ فيه. ولو وَطِئَ في أثْناءِ الإطْعامِ، لم تَلْزَمْه إعادَةُ ما مَضَى منه. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ. وقال مالكٌ: يَسْتَأْنِفُ؛ لأنَّه وَطِئَ في أثْناءِ الكفَّارَةِ، فوَجَبَ الاسْتِئْنافُ كالصِّيامٍ. ولَنا، أنَّه وَطِئَ في أثْناءِ ما لا يُشْتَرَطُ التَّتابُعُ فيه، فلم يُوجِبْ الاسْتِئْناف، كوَطْءِ غيرِ المُظاهَرِ منها، أو كالوَطْءِ (١) في كفَّارَةِ اليَمِينِ، وبهذا فارَقَ الصِّيامَ.

فصل: (ولا يُجْزِئُ الإخْراجُ إلَّا بنِيَّةٍ، وكذلك الإعْتاقُ والصِّيامُ) لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا الأعْمَالُ بالنِّيَّاتِ» (٢). ولأنَّ العِتْقَ يَقَعُ مُتَبَرِّعًا


(١) في م: «كما لو وطئ».
(٢) تقدم تخريجه في: ١/ ٣٠٨.