للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: فإن شَهِدَ شاهِدان أنَّه قَذَفَ فُلانَةَ وقَذَفَنا (١). لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما؛ لاعْتِرافِهما بعَداوَتِه لهما، وشَهادةُ العَدُوِّ لا تُقْبَلُ على عَدُوِّه. وان أبرَآه وزالتِ العَداوَةُ، ثم شَهِدا عليه بذلك، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّها رُدَّتْ للتُّهْمَةِ، فلم تُقْبَلْ بعدُ، كالفاسِقِ إذا شَفِدَ فرُدَّتَ شَهادَته لفِسْقِه ثم تاب وأعادها. ولو أنَّهما ادَّعَيا عليه أنَّه قَذَفَهما، ثم أْبرَآهُ (٢) وزالتِ العَداوَةُ، ثم شَهِدَا عليه بقَذْفِ زَوْجَتِه، قُبِلَتْ شَهادَتُهما؛ لأنَّهما لم يُرَدَّا في هذه الشَّهادةِ. ولو شَهِدا أنَّه قَذَفَ امْرأتَه، ثم ادَّعَيا بعدَ ذلك أنَّه قَذَفَهما، فإن أضافا دَعْواهما إلى ما قبلَ شهادَتِهما، [بَطَلَتْ شَهادَتُهما] (٣)؛ لاعْتِرافِهما أنَّه كان عَدُوًّا لهما حينَ شَهِدا عليه. وإن لم يُضِيفاها إلى ذلك الوقتِ، وكان ذلك قبلَ الحُكْمِ بشهادَتِهما، لم يُحْكَمْ بها؛ لأنَّه لا يُحْكَمُ عليه بشَهادةِ عَدُوَّيْن، وإن كان بعدَ الحُكْمِ، لم تَبْطُلْ؛ لأنَّ الحُكْمَ تَمْ قبلَ وُجُودِ المانِعِ، كظُهُورِ الفِسْقِ، وإن شَهِدا أنَّه قَذَفَ امْرأتَه [وأُمَّنا] (٣)، لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما؛ لأنَّها رُدَّتَ في البعضِ للتُّهْمَةِ، فوَجَبَ أن تُرَدَّ في الكُلِّ، وإن شَهِدا على أبِيهِما أنَّه قَذَفَ ضَرَّةَ أُمِّهِما، قُبِلَتْ شهادَتُهما. وبهذا قال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ في الجَدِيدِ. وقال في القديم: لا تُقْبَلُ؛ لأنَّهُما يَجُرَّانِ إلى أُمِّهِما نَفْعًا، وهو أنَّه يُلاعِنُها فتَبِينُ، ويَتَوَفَّرُ على أُمِّهِما. وليس بشيءٍ؛ لأنَّ لِعانَه لها يَنْبَنِي على مَعْرِفَتِه بِزِناها،


(١) في م: «قذفهما».
(٢) في الأصل: «أتاه».
(٣) سقط من: الأصل.