للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الناسِ عليه، ليس [له عليها] (١) رَجْعَةٌ، ولا بينَهما ميراثٌ (٢). وقولُ عائشةَ: إنَّها كانت في مكانٍ وَحْشٍ. لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- علَّلَ بغيرِ ذلك، فقال: «يا ابْنَةَ آلِ قيسٍ، إنَّما النَّفَقةُ والسُّكْنَى ما كان لِزَوْجِكِ عَلَيْكِ الرَّجْعَةُ». هكذا رواه الحُمَيْدِىُّ، والأَثْرَمُ. ولو صَحَّ ما قالَتْه عائشةُ لما احْتاجَ عمرُ في رَدِّه إلى أن يَعْتَذِرَ بأنَّه قولُ امرأةٍ، وهى أعْرَفُ بنَفْسِها وبِحالِها. وأمَّا قولُ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا نَدَعُ كِتابَ رَبِّنا. فقد قال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: نحنُ نَعْلَمُ أنَّ عمرَ لا يَقُولُ: لا نَدَعُ كِتابَ رَبِّنا. إلَّا لِما هو مَوْجودٌ في كِتابِ اللَّهِ تعالى، والذي في الكِتابِ أنَّ لها النَّفَقَةَ إذا كانت حامِلًا، بقَوْلِه سبحانه: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٣). وأمَّا غيرُ ذواتِ الحَمْلِ، فلا يَدُلُّ الكِتابُ إلَّا على أنَّهُنَّ لا نَفَقةَ لَهُنَّ؛ لاشْتِراطِه الحَمْلَ في الأمْرِ بالإِنْفاقِ. وقد روَى أبو داودَ وغيرُه، بإسْنادِهم، عن ابنِ عباسٍ، في حَدِيثِ المُتَلاعِنَيْن، قال: ففَرَّقَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بينَهما، وقَضَى أن لا بَيْتَ لها ولا قُوتَ (٤). ولأَنَّ هذه مُحَرَّمَةٌ عليه تَحْريمًا لا تُزِيلُه الرَّجْعَةُ، فلم يَكُنْ لها سُكْنَى ولا نفقةٌ، كالمُلاعِنَةِ، وتُفارِقُ الرَّجْعِيَّةَ، فإنَّها


(١) في الأصل: «لها عليه».
(٢) أخرجه ابن عبد البر، في: التمهيد ١٩/ ١٤٦، ١٤٧.
(٣) سورة الطلاق ٦.
(٤) تقدم تخريجه في ٢٣/ ٣٧٠.