للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، كَتَبَ في رِجالٍ غابُوا عن نِسائِهم، فأمَرَهُم بأن يُنْفِقُوا أو يُطَلِّقُوا (١). وهذا إجْبارٌ على الطَّلاقِ عندَ الامْتِناعِ مِن الإِنْفاقِ، ولأَنَّ الإِنْفاقَ عليها مِن مالِه مُتَعَذِّرٌ، فكان لها الخِيارُ، كحالِ الإِعْسارِ، بل هذا أَوْلَى بالفَسْخِ؛ فإنَّه إذا جازَ الفَسْخُ على المَعْذُورِ، فعلى غيرِه أَوْلَى، ولأَنَّ في الصَّبْرِ ضَرَرًا أمْكَنَ إزالَتُه بالفَسْخِ، فوَجَبَتْ إزالَتُه دَفْعًا للضَّرَرِ، [ولأنَّه نَوْعُ تَعَذُّرٍ] (٢) يُجَوِّزُ الفَسْخِ، فلم يَفْتَرِقِ الحالُ بينَ المُعْسِرِ والمُوسِرِ، كأداءِ ثَمَنِ المَبِيعِ، فإنَّه لا فَرْقَ في جَوازِ الفَسْخِ بينَ أن يكونَ المُشْتَرِى مُعْسِرًا، وبينَ أن يَهْرُبَ قبلَ أداءِ الثَّمنِ، ولأَنَّ عَيْبَ الإِعْسارِ إنَّما جَوَّزَ الفَسْخَ لتَعَذُّرِ الإِنْفاقِ، بدليلِ أنَّه لو اقْتَرَضَ ما يُنْفِقُ عليها، أو تَبَرَّعَ له إنْسانٌ بدَفْعِ ما يُنْفِقُه، لم تَمْلِكِ الفَسْخَ. وقولُهم: إنَّه يَحْتَمِلُ أن يُنْفِقَ فيما بعدَ هذا. قُلْنا: وكذلك المُعْسِرُ، يَحْتَمِلُ أن يُعِينَه اللَّهُ تعالى، وأن يَقْتَرِضَ، أو يُعْطَى ما يُنْفِقُه، فاسْتَوَيا.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٤٠.
(٢) في الأصل: «ولا يرجع بعذر».