للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ومتى اخْتَلَفَ اجْتِهادُهما، لم يَجُزْ لأحَدِهما أن يَؤْمَّ صاحِبَه؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَعْتَقِدُ خَطَأ الآخرِ، فلم يَجُزْ له الائْتِمامُ به؛ لو خَرَجَتْ مِن أحَدِهما رِيحٌ، واعْتَقَدَ كلُّ واحِدٍ منهما أنَّها مِن الآخَرِ. قال شَيْخُنا (١): وقِياسُ المَذْهَبِ جَوازُ ذلك. وهو مَذْهَبُ أبي ثَوْرٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَعْتَقِدُ صِحَّةَ صلاةِ الآخَرِ، وأنَّ فَرْضَه التَّوَجُّهُ إلى ما تَوَجَّهَ إليه، فلم يَمْنَعْ الاقْتِداءَ به اخْتِلافُ الجِهَةِ، كالمُصَلِّين حَوْلَ الكَعْبَةِ. وقد نَصَّ أحمدُ على صِحَّةِ الصلاةِ خلفَ المُصَلِّي في جُلُودِ الثَّعالِبِ، إذا كان يَعْتَقِدُ صِحَّةَ الصلاةِ فيها، وفارَق ما إذا اعْتَقَدَ كلُّ واحِدٍ منهما حَدَثَ صاحِبِه، لأنَّه يَعْتَقِدُ بُطْلانَ صَلاِته، بحيث لو بأن له يَقِينًا حَدَثُ نَفْسِه، أعاد الصلاةَ، بخِلافِ هذا. وهذا هو الصَّحِيحُ، إن شاء اللهُ تعالى. فأمّا إن مال أحَدُهما يَمِينًا، والآخَرُ شِمالًا، مع اتِّفاقِهما في الجِهَةِ، فلا يَخلِفُ المَذْهَبُ في صِحَّةِ ائْتِمامِ أحَدِهما بالآخَرِ، لاتِّفاقِهما في الجهَةِ الواجِبِ اسْتِقْبالُها.


(١) في: المغني ٢/ ١٠٩.