للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَحَبُّوا قَتَلُوا، وإنْ أحَبُّوا أخَذُوا العَقْلَ» (١). [فظاهرُ هذا أنَّ أهلَ كلِّ قَتِيل يَسْتَحِقُّون ما اخْتارُوه مِن القَتْلِ أو الدِّيَةِ، فإذا اتَّفَقُوا] (٢) على القَتْلِ وَجَب لهم، وإنِ اخْتارَ بعضُهم الدِّيَةَ، وجَبَتْ له (٣) بظاهرِ الخَبَرِ، ولأنَّهما جِنايَتان لا تَتداخَلان إذا كانتا خَطَأ أو إحْداهما، فلم تَتَداخَلْ في العمدِ، كالجِنايةِ على الأطْرَافِ، وقد سَلَّمُوها. ولَنا، على الشَّافعىِّ، أنَّه مَحَلٌّ تَعَلَّقَتْ به حُقُوقٌ لا يَتَّسِعُ لها [معًا، رَضِىَ المُسْتَحِقُّون] (٤) به عنها، فيُكْتَفَى به، كما لو قَتَل عَبْدٌ عبيدًا خَطَأً فرَضِىَ سيِّدُهم بأخْذِه عنهم، ولأنَّهم رَضُوا بدُونِ حَقِّهم، فجاز، كما لو رَضِىَ صاحبُ الصحيحةِ بالشَّلَّاءِ، ووَلِىُّ الحُرِّ بالعبدِ، والمسلمُ بالكافرِ. وفارَقَ ما إذا كان القَتْلُ خَطَأً، فإنَّ أرْش الجِنايةِ يجِبُ في الذِّمَّةِ، والذِّمَّةُ تَتَّسِعُ لحُقُوقٍ كثيرةٍ. وما ذَكَرَه أبو حنيفةَ ومالكٌ لا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الجماعةَ إنَّما قُتِلُوا بالواحدِ، لئَلَّا يُؤَدِّى الاشْتِراكُ إلى إسْقاطِ القِصاصِ، تَغْلِيظًا للقِصاصِ، ومُبالغَةً في الزَّجْرِ، وفى مسألَتِنا يَنْعَكِسُ هذا، فإنَّه إذا عَلِم أنَّ القِصاصَ واجِبٌ عليه بقَتْلِ واحدٍ، ولا يَزْدادُ بقَتْلِ الثَّانى والثَّالثِ، بادَرَ إلى قَتْلِ مَن يُرِيدُ قَتْلَه، فيصيرُ هذا كإسْقاطِ القِصاصِ عنه ابتداءً مع الدِّيَةِ.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٤٢.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في م: «مع رضا المستحقين».