للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قِصاصًا، فوَجَبَتْ دِيَتُه على العاقِلَةِ، كالخَطَأُ، ويُخالِفُ العَمْدَ المَحْضَ (١)؛ لأنَّه يُغَلَّظُ مِن كلِّ وَجْهٍ، لقَصْدِه الفِعْلَ، وإرادَتِه القَتْلَ، وعَمْدُ الخَطَأُ يُغلَّظُ مِن وَجْهٍ، وهو قَصْدُه الفِعْلَ، [ويُخَفَّفُ] (٢) مِن وَجْهٍ، وهو كَوْنُه لم يُرِدِ القَتْلَ، فاقْتَضَى تَغْلِيظَها مِن وَجْهٍ وهو الأسْنانُ، وتَخْفِيفَها مِن وَجْهٍ وهو حَمْلُ العاقِلَةِ لها وتَأْجِيلُها. ولا نعلمُ في (٣) أنَّها تَجِبُ مُؤجَّلَةً خِلافًا بينَ أهلِ العلمِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعَلىٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادةُ، وأبو هاشمٍ، وعُبَيْدُ اللَّه بِنُ عمرَ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقد حُكِى عن قَوْم مِن الخَوارِجِ، أنَّهم قالوا: الدِّيَةُ حالَّةٌ؛ لأنَّها بَدَلُ مُتْلَفٍ. ولم يُنْقَلْ إلينا ذلك عمَّن يُعَدُّ خِلافُه خِلافًا. وتُخالِفُ الدِّيَةُ سائرَ المُتْلَفاتِ؛ لأنَّها تَجِبُ على غيرِ الجانِى على سبيلِ المُواساةِ له، فاقْتَضَتِ الحِكْمَةُ تَخْفِيفَها عليهم، وقد رُوِى عن عمرَ، وعلىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّهما قَضَيا بالدِّيَةِ على العاقِلَةِ في ثلاثِ سِنِينَ (٤). ولا مُخالِفَ لهما في عَصْرِهما، فكان إجْماعًا. وأمَّا دِيَةُ


(١) سقط من: م.
(٢) في الأصل: «ويجب». وفى تش: «ويحف».
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) أخرجه البيهقى عن عمر وعلى، في: باب تنجيم الدية على العاقلة، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ١٠٩، ١١٠. وأخرجه عبد الرزاق عن عمر، في: باب في كم تؤخذ الدية، من كتاب العقول. المصنف ٩/ ٤٢٠. وابن أبى شيبة، في: باب الدية في كم تؤدى، من كتاب الديات. المصنف ٩/ ٢٨٤.