للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال بَعْضُهم: يَتَكَرَّرُ الوَاجِبُ فِى الأحْوالِ الثَّلاثَةِ، فَيَكُونُ الوَاجبُ على الغَنِىِّ فيها دِينارًا ونِصْفًا، وعلى المُتَوَسِّطِ ثَلاثَةَ أرْبَاعِ دِينارٍ؛ لَأنَّه حَقٌّ يتَعَلَّقُ بالحَوْلِ على سبيلِ المُواساةِ، فيتَكَرَّرُ بتَكَرُّرِ الحَوْلِ، كالزَّكاةِ. وقال بعضُهم: لا يتَكَرَّرُ؛ لأَنَّ في إيجابِ زِيادةٍ على النِّصْفِ إيجابَ الزِّيادةِ على أقَلِّ الزَّكاةِ، فيكون مُضِرًّا. ويُعْتَبَرُ الغِنَى والتَّوَسُّطُ عندَ رَأْسِ الحَوْلِ؛ لأنَّه حالُ الوُجُوبِ، فاعْتُبِرَ الحالُ (١) عندَه، كالزَّكاةِ. وإنِ اجْتمعَ مِن العاقلةِ في دَرَجَةٍ واحدةٍ عَدَدٌ كثيرٌ، قُسِمَ الواجِبُ على جَمِيعِهم، فيُلْزِمُ الحاكمُ كلَّ إنْسانٍ علىِ حَسَبِ ما يَراه وإن قَلَّ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، يَجْعَلُ على المُتَوَسِّطِ نِصْفَ ما على الغَنِىِّ، وِيَعُمُّ بذلك جَمِيعَهم. وهو أحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. وقال في الآخرِ: يَخُصُّ الحاكمُ مَن شاءَ منهم، فيَفْرِضُ عليهم هذا القَدْرَ الواجِبَ؛ لِئَلَّا يَنْقصَ عن القَدْرِ الواجِبِ، ويَصِيرَ إلى الشئِ التَّافِه، ولأنَّه يَشُقُّ، فربَّما أصابَ كلَّ واحدٍ قِيراطٌ، فيَشُقُّ جَمْعُه. ولَنا، أنَّهم اسْتَوَوْا في القَرابةِ، فكانوا سواءً، كما لو قَلُّوا، وكالمِيراثِ. وأمَّا التَّعَلُّقُ بمَشَقَّةِ الجَمْعِ فلا يَصِحُّ؛ لأَنَّ مَشَقَّةَ زِيادَةِ الواجِبِ أعْظَمُ مِن مَشَقَّةِ (٢) الجَمْعِ، ثم هذا تَعَلُّق بالحِكْمَةِ مِن غيرِ أصْل يَشْهَدُ لها، فلا يُتْرَكُ لها الدَّلِيلُ، ثم هى مُعارَضَةٌ بحَقِّه الواجبِ على كلِّ واحدٍ منهم، وسُهُولةِ الواجبِ عليهمِ، ثم لا يَخْلُو مِن أن يَخُصَّ الحاكمُ بعضَهم بالاجْتِهادِ أو بغيرِ اجْتِهادٍ، فإن خصَّه بالاجْتِهادِ ففِيه مَشَقَّةٌ عليه،


(١) في م: «الحول».
(٢) سقط من: م.