للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

باليَمِينِ، فلم يَصِحَّ.

فصل: قال القاضى: يجوزُ للأوْلِياءِ أن يُقْسِمُوا على القاتلِ، إذا غَلَب [على ظَنِّهِم] (١) أنَّه قَتَلَه، وإن كانُوا غائِبِينَ عن مكانِ القَتْلِ؛ لأَنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للأنْصارِ: «تَحْلِفُونَ، وتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ». وكانوا بالمدينةِ، والقتلُ بخَيْبَرَ، ولأَنَّ للإِنْسانِ أن يَحْلِفَ على غالِبِ ظَنِّه، كما أنَّ مَن اشْتَرَى مِن إنْسانٍ شيئًا، فجاءَ آخَرُ يدَّعِيه، جازَ أن يَحْلِفَ أنَّه لا يَسْتَحِقه؛ لأَنَّ الظاهِرَ أنَّه مِلْكُ الذى باعَه، وكذلك إذا وَجَد شيئًا بخَطهِ أو بخَطِّ أبيه ودَفْتَرِه، جازَ أَنْ يَحْلِفَ، وكذلك إذا باعَ شيئًا لم يعلمْ فيه عَيْبًا، فادَّعَى عليه المُشْتَرِى أنَّه مَعِيبٌ، وأرادَ رَدَّهُ، كان له أَنْ يَحْلِفَ أنَّه باعَه (٢) بَرِيئًا مِن العَيْبِ. ولا يَنْبَغِى أن يَحْلِفَ المُدَّعِى إلَّا بعدَ الاسْتِثْباتِ، وغَلَبَةِ ظَنٍّ تُقارِبُ اليَقِينَ، ويَنْبَغِى للحاكمِ أن يقولَ لهم: اتَّقُوا اللَّهَ، واسْتَثْبِتُوا. ويَعِظَهم، ويُحَذِّرَهُم، ويَقْرأ عليهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (٣). ويُعَرِّفَهُم ما في اليَمِينِ الكاذبةِ، وظُلمِ البَرِئِ، وقَتْلِ النَّفْسِ بغيرِ الحَقِّ، ويُعَرِّفَهم أنَّ عَذابَ الدُّنْيا أهْونُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ. وهذا كلُّه مذهبُ الشَّافِعِىِّ.


(١) في الأصل، تش: «عليهم».
(٢) سقط من: الأصل، تش.
(٣) سورة آل عمران ٧٧.