للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» (١). قال ابنُ عبدِ البَرِّ (٢): ثَبَت مِن حديثِ أبى هُرَيْرَةَ، وجابرٍ، ونُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، ونَصْرِ بنِ دَهْرٍ (٣)، وغيرِهم، أنَّ ماعِزًا لمّا هَرَب، فقال لهم: رُدُّونِى إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: «فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ، يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ». ففى هذا أوْضَحُ الدَّلائِلِ على أنَّه يُقْبَلُ رُجُوعُه. وعن بُرَيْدَةَ، قال: كنّا أصحابَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَتَحَدَّثُ أنَّ الغامِدِيَّةَ وماعزَ بنَ مالكٍ، لو رَجَعا بعدَ اعْتِرافِهما. أو قال: لو لم يَرْجِعا بعدَ اعْتِرافِهما، لم يَطْلُبْهما، وإنَّما رَجَمَهما عندَ الرّابعةِ. رَواه أبو داودَ (٤). ولأَنَّ رُجوعَه شُبْهَةٌ، والحَدُّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولأَنَّ الإِقْرارَ أحَدُ بَيِّنَتَى الحَدِّ، فيَسْقُطُ بالرُّجوعِ عنه، كالبَيِّنَةِ إذا رَجَعَتْ قبلَ إقامَةِ الحَدِّ، وفارَقَ سائِرَ الحُقوقِ، فإنَّها لا تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. وإنَّما لم يَجِبْ ضَمانُ ماعِزٍ على الذين قَتَلُوه بعدَ هَرَبِه؛ لأنَّه ليس بصَرِيحٍ في الرُّجوعِ.


(١) أخرجه أبو داود، في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٥٧. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٢١٧. كلاهما من حديث نعيم بن هزال.
(٢) في: التمهيد ١٢/ ١١٣.
(٣) في النسخ: «داهر».
وهو نصر بن دهر بن الأخرم بن مالك الأسلمى، حجازى له صحبة، روى قصة ماعز بن مالك، وعنه أبو الهيثم. تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٢٦.
وحديثه أخرجه النسائى، في: باب إذا اعترف بالزنا ثم رجع عنه، من كتاب الرجم. السنن الكبرى ٤/ ٢٩١، ٢٩٢. وابن أبى شيبة، في: المصنف ١/ ٧٧، ٧٨. وابن عبد البر، في: التمهيد ١٢/ ١١٤.
(٤) في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٦٠.