للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: فإن شَهِد شاهدان، واعْتَرَفَ هو مَرَّتَيْن، لم تَكْمُلِ البَيِّنَةُ، ولم يَجِبِ الحَدُّ. لا نَعلمُ في ذلك خِلافًا بينَ مَن اعْتَبَرَ إقْرارَ أرْبَعِ مَرَّاتٍ، وهو قولُ أصحابِ الرَّأْى؛ لأَنَّ إحْدَى الحُجَّتَيْنِ لم تَكْمُلْ، ولا تُلَفَّقُ إحْدَاهما بالأُخْرَى، كإقْرارِ بعضَ مَرَّةٍ.

فصل: فإن كَمَلَتِ البَيِّنَةُ، ثم ماتَ الشُّهودُ أو غابُوا، جازَ الحُكمُ بها، وإقامةُ الحَدِّ. وبه قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُقامُ الحَدُّ؛ لجَوازِ أن يكونُوا رَجَعُوا، وهذه شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الحَدَّ. ولَنا، أنَّ كلَّ شَهادةٍ جازَ الحُكْمُ بها مع حُضُورِ الشُّهودِ، جازَ الحكمُ مع غَيْبَتِهم، كسائرِ الشَّهاداتِ، واحْتمالُ رُجُوعِهم ليس بشُبْهَةٍ، كما لو حُكِمَ بشَهادتِهم.

فصل؛ وإن شَهِدُوا بزِنًى قديمٍ، أو أقَرَّ به، وَجَب الحَدُّ. وبهذا قال مالكٌ، والأوْزَاعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا أقْبَلُ بَيِّنَةً على زِنًى قديمٍ، وأحُدُّه بالإِقْرارِ به. وهذا قولُ ابنِ حامدٍ: وذَكَرَه ابنُ أبى (١) موسى مذهبًا لأحمدَ؛ لِما رُوِى عن عمرَ، أنَّه قال: أيُّما شُهودٍ شَهِدُوا بحَدٍّ لم يَشْهَدُوا بحَضْرَتِه، فإنَّما هم شُهودُ ضِغْنٍ (٢). ولأَنَّ تأْخِيرَه للشَّهادةِ إلى هذا الوَقْتِ، يدُلُّ على التُّهْمَةِ،


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف ٧/ ٤٣٢. عن أبى عون عن عمر، رضى اللَّه عنه.