للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك يتعَلَّقُ بالاعْتِقادِ والقَصْدِ، والسَّكْرانُ لا يَصِحُّ عقدُه، فأشْبَهَ المَعْتُوهَ، ولأنَّه زائِلُ العَقْلِ، فلم تَصِحَّ رِدَّتُه كالنَّائمِ والمَجْنُونِ، ولأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فأشْبَهَ المَجْنُونَ. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأولَى أنَّ الصحابةَ قالوا في السَّكْرانِ: إذا سَكِرَ هَذَى، وإذا هَذَى افْتَرَى، فَحُدُّوه حَدَّ المُفْتَرِي (١). وأوْجَبُوا عليه حَدَّ الفِرْيَةِ التي يأْتِي بها في سُكْرِه، وأقامُوا مَظِنَّتَهَا مُقَامَها، ولأنَّه يَقَعُ طَلاقُه، فصَحَّتْ رِدَّتُه كالصَّاحِي. وقولُهم: ليس بمُكَلَّفٍ. مَمْنُوعٌ، فإنَّ الصلاةَ واجِبَةٌ عليه، وكذلك سائِرُ أرْكانِ الإِسْلامِ، ويَأْثَمُ بفِعْلِ المُحَرَّماتِ. وهذا معنى التَّكْلِيفِ، ولأنَّ السَّكْرانَ لا يَزُولُ عقلُه بالكُلِّيَّةِ، ولهذا يَتَّقِي المُحْذُورَاتِ، ويَفْرَحُ بما يَسُرُّه، ويُساءُ بما يَضُرُّه، ويزولُ سُكْرُه عن قَرِيبٍ مِن الزَّمانِ، فأشبَهَ النَّاعِسَ، بخِلافِ المجْنُونِ، وأمَّا اسْتِتابَتُه فتُؤَخَّرُ إلى حينِ صَحْوه، فيَكْمُلُ عَقْلُه، ويَفْهَمُ ما يُقالُ له، وتَزُولُ شُبْهَتُه أنْ كان قد قال الكُفْرَ مُعْتَقِدًا له، كما تُؤَخَّرُ اسْتِتابَتُه إلى حينِ زَوالِ شِدَّةِ عَطَشِه وجُوعِه، ويُؤَخَّرُ الصَّبِيُّ إلى حينِ بُلُوغِه وكمالِ عَقْلِه، ولأنَّ القَتْلَ جُعِلَ للزَّجْرِ، ولا يَحْصُلُ الزجرُ


(١) تقدم تخريجه في ٢٦/ ٤٢٤.