للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا فَرْقَ في ذلك بينَ ما مات بسَبَبٍ أو بغيرِ سَبَبٍ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثَين، وقد أجْمَعَ أهلُ العلمِ على إباحَةِ ما مات بسَبَبٍ؛ مِثْلَ أن صادَه إنسانٌ، أو نَبَذَه البحرُ، أو جَزَرَ (١) عنه، وكذلك ما حُبِسَ في الماءِ بحَظِيرَةٍ حتى يموتَ، فإنَّه يَحِلُّ. قال أحمدُ (٢): الطّافِي يُؤكَلُ، وما جَزَر عنه الماءُ أجودُ، والسَّمَكُ الذي نَبَذَه البحرُ لم يُخْتَلَفْ فيه، وإنّما اخْتَلَفُوا في الطّافِي، وليس به بَأسٌ. وممَّن أباح الطّافِيَ مِن السَّمَكِ أبو بكرٍ الصديقُ، وأبو أيُّوبَ، رَضِيَ اللهُ عنهما. وبه قال مالِكٌ، والشافعيُّ. ورُوِيَ ذلك عن عَطاءٍ، ومَكْحُولٍ، والثَّوْرِيِّ، والنَّخَعِيِّ. وكَرهَ الطّافِيَ جابِر، وطاوسٌ، وابنُ سِيرِينَ، وجابرُ بنُ زيدٍ، وأصحابُ الرَّأْي؛ لِما رُوِيَ أنَّ جابِرًا قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَلْقَى البَحْرُ، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ، فَكُلُوهُ، ومَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا، فَلا تَأكلُوهُ». رَواه أبو داودَ (٣). ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (٤). قال ابنُ عباسٍ: طعامُه ما مات فيه (٥). وأيضًا ما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثَين. وقال أبو بكرٍ الصديقُ، رَضِيَ اللهُ عنه: الطّافِي


(١) جزر البحر أو النهر: انحسر ماؤه.
(٢) بعده في م: «في».
(٣) في: باب في أكل الطافي من السمك، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود ٢/ ٣٢٢.
كما أخرجه ابن ماجه، في: الطافي من صيد البحر، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٨١.
(٤) سورة المائدة ٩٦.
(٥) تقدم تخريجه في صفحة ٢٣٠ عند قول ابن عباس: الجري لا تأكله اليهود.