للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإنْ كانا مُنْفَصِلَين، جازَ. ولَنا، عُمومُ قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، [وذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيهِ، فَكُلُوا] (١)، إلَّا السِّنَّ والظُّفُرَ». ولأنَّ ما لم تَجُزِ الذكاةُ به مُتَّصِلًا، لم تَجُزْ مُنْفَصِلًا، كغيرِ المُحَدَّدِ.

فصل: فأمّا العَظْمُ غيرُ السِّنِّ، فمُقْتَضَى إطْلاقِ قولِ أحمدَ، والشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، إباحَةُ الذَّبْحِ به. وهو قولُ مالِكٍ، وعمرِو بنِ دِينارٍ، وأصْحابِ الرَّأْي. وقال ابنُ جُرَيجٍ: يُذَكَّى بعَظْمِ الحِمارِ، ولا يُذَكَّى بعَظْمِ القِرْدِ؛ لأَنَّكَ تُصَلِّي على الحمارِ وتَسْقِيه في جَفْنَتِك. وعن أحمدَ، لا يُذَكَّى بعَظْمٍ ولا ظُفُرٍ. وقال النَّخَعِيُّ: لا يُذَكَّى بالعَظْمِ والقَرْنِ. وَوَجْهُه قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيهِ، فَكُلُوا، لَيسَ السِّنَّ والظُّفُرَ، وسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أمّا السِّنُّ فعَظْمٌ، وأمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». فعَلَّلَه بكونِه عَظْمًا، فكُلُّ عَظْمٍ فقد وُجِدَتْ فيه العِلَّةُ. والأوَّلُ أصَحُّ، إن شاءَ اللهُ تعالى. قاله شيخُنا (٢)؛ لأنَّ العَظْمَ دخَلَ في عُمُومِ اللَّفْظِ المُبِيحِ، ثم اسْتُثْنِيَ السِّنُّ والظُّفُرُ خاصَّةً، فَتَبْقَى سائِرُ العِظام دَاخِلَةً فيما يُباحُ الذَّبْحُ به، والمنطوقُ مُقَدَّمٌ على التَّعْلِيلِ، ولهذا عَلَّلَ الظُّفُرَ بكَونِه مِن مُدَى الحَبَشَةِ، ولا يَحْرُمُ الذَّبْحُ بالسِّكِّينِ وإن كانت مُدْيَةً لهم، ولأنَّ العِظامَ يتَناوَلُها سائِرُ الأحادِيثِ العامَّةِ، ويحْصُلُ بها المقْصُودُ، فأشْبَهَتْ سائِرَ الآلاتِ.


(١) في الأصل: «فكل».
(٢) في: المغني ١٣/ ٣٠٢.