للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّه متى قال: لأَفعَلَنَّ إن شاء اللهُ. فقد عَلِمْنا أنَّه متى شاءَ اللهُ فَعَل، ومتى لم يَفْعَلْ لم يَشَأ اللهُ ذلك، فإنَّ ما شاءَ اللهُ كان، وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُشْتَرَطُ أن يكونَ الاسْتِثْناءُ مُتَّصِلًا باليَمِينِ، بحيث لا يَفْصِلُ بينَهما بكلامٍ أجْنَبِيٍّ، ولا يَسْكُتُ بينَهما سُكوتًا يُمْكِنُه الكَلامُ فيه، فأمَّا السُّكوتُ لانْقِطاعِ نَفَسِه أو صَوْتِه، أو عِيٍّ، أو عارِضٍ، من عَطْسَةٍ، أو شيءٍ غيرها، فلا يَمْنَعُ صِحَّةَ الاسْتِثْناءِ، وثُبوتَ حُكْمِه. وبهذا قال مالكٌ، والثَّوْرِيُّ، وأبو عُبَيدٍ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْي؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ حَلَفَ، فاسْتَثْنَى». وهذا يَقْتَضِي كَوْنَه (١) عَقِيبَه. ولأنَّ الاسْتِثْناءَ من تَمامِ الكلامِ، فاعْتُبرَ اتِّصالُه به، كالشَّرْطِ وجَوابِه، وخَبَرِ المُبْتَدَأ، والاسْتِثْناءِ بإلَّا، ولأنَّ الحالِفَ إذا سَكَت ثَبَت حُكْمُ يَمِينِه، وانْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لحُكْمِها، وبعدَ ثُبُوتِه لا يُمْكِنُ دَفْعُه (٢) ولا تَغْيِيرُه. قال أحمدُ: حديثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبْدِ الرحمنِ بنِ سَمُرَةَ: «إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأيتَ غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» (٣).


(١) في الأصل: «أن يكون».
(٢) في م: «رفعه».
(٣) تقدم تخريجه في ٢٣/ ٢٠٧.