للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَال أبو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ.

ــ

وكذلك إن أهْدَى له أو أعْمَرَه؛ لأنَّ ذلك مِن أنْواعِ الهِبَةِ، وإن أعْطاه مِن الصَّدَقَةِ الواجِبَةِ، [أو نَذْرًا أو كَفّارَةً] (١)، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ ذلك حَقٌّ للهِ تعالى عليه، يَجِبُ إخْراجُه، فليس هو هِبَةً منه، فإن تَصَدَّقَ عليه تَطَوُّعًا، حَنِثَ. قاله القاضي. وهو مذهبُ الشَّافعيِّ (وقال أبو الخَطَّابِ: لا يَحْنَثُ) وهو قولُ أصحابِ الرَّأْي؛ لأنَّهما يَخْتَلِفان اسْمًا وحُكْمًا، بدَليلِ قولِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: «هُوَ عَلَيهَا صَدَقَةٌ، ولَنا هَدِيَّةٌ». وكانتِ الصَّدَقَةُ مُحَرَّمَةً عليه، والهَدِيَّةُ حَلالٌ له، ويَقْبَلُ الهدِيَّةَ ولا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ (٢)، ومع هذا الاخْتلافِ لا يَحْنَثُ في أحَدِهما بفِعْلِ الآخَرِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أَنه تَبَرَّعَ بعَينٍ في الحياةِ، فحَنِثَ به، كالهدِيَّةِ، ولأنَّ الصَّدَقَةَ تسَمَّى هِبَةً، فلو تَصَدَّقَ بدِرْهَمٍ، قيلَ: وَهَب دِرْهَمًا، وتَبَرَّعَ


(١) سقط من: م.
(٢) انظر ما تقدم في ٧/ ٢٩٧.