للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للسُّنَّةِ. واحْتَجُّوا على أنَّه لا يَنْقُضُ ما لم يُخالِفِ الإِجْماعَ بأنَّه يَسُوغُ فيه الخِلافُ، فلم يَنْقُضْ حُكْمَه فيه (١)، كما لا نَصَّ فيه. وحُكِيَ عن أبي ثَوْرٍ (٢)، أنَّه يَنْقُضُ جميعَ ما بان له خَطَؤُه؛ لأنَّ عُمَرَ، - رَضِيَ اللهُ عنه-، كَتَب إلى أبي موسى: لا يَمْنَعنَّكَ قَضاءٌ قَضَيتَه بالأمْسِ، ثم رَاجَعْتَ نَفْسَك فيه اليومَ، فهُدِيتَ لرُشْدِك، أن تُراجِعَ فيه الحَقَّ، فإنَّ الرُّجُوعَ إلى الحَقِّ خيرٌ مِن التَّمادِي في الباطِلِ (٣). ولأنَّه خطأٌ، فوَجَبَ الرُّجُوعُ عنه، كما لو خالفَ الإِجْماعَ. [وحُكِيَ عن مالكٍ أنَّه وافَقَهما في قَضاءِ نَفْسِه] (٤). ولَنا، على نَقْضِه إذا خالفَ نَصًّا أو إجْماعًا، أنَّه قَضاءٌ لم يُصادِفْ شَرْطَه، فوَجَبَ نَقْضُه، كما لو خالفَ الإِجْماعَ، وبَيانُ مُخالفَتِه للشَّرْطِ، أنَّ شَرْطَ الحُكْمِ بالاجْتهادِ عَدَمُ النَّصِّ، بدليلِ خبرِ مُعاذٍ (٥). ولأنَّه إذا تَرَك الكتابَ والسُّنَّةَ، فقد فَرَّطَ، فوَجَبَ نَقْضُ حُكْمِه، كما لو خالفَ الإِجْماعَ، أو كما لو حَكَم بشَهادةِ كافِرَينِ. وما قالُوه يَبْطُلُ بما حَكَينا عنهم. فإن قيل: إذا صَلَّى بالاجْتِهادِ إلى جِهَةٍ، ثم بان له الخطأُ لم يُعِدْ؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما مِن ثلاثةِ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، أنَّ اسْتِقْبال القبلةِ يَسْقُطُ حال العُذْرِ


(١) سقط من: م.
(٢) في م: «داود».
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه ٤/ ٢٠٦، ٢٠٧. والبيهقي مختصرًا، في: السنن الكبرى ١٠/ ١٣٥، ١٣٦. وانظر الكلام عليه في: إرواء الغليل ٨/ ٢٤١، ٢٤٢.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) تقدم تخريجه في صفحة ٢٥٩.