للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحَبُّ إلَيَّ مِن اليمينِ الفاجِرَةِ (١). وظاهِرُ هذه البينةِ الصِّدْقُ، ويَلْزَمُ مِن صِدْقِها فُجُورُ اليمينِ المُتَقَدِّمَةِ، فتكونُ أولَى، ولأنَّ كلَّ حالةٍ يَجِبُ عليه الحقُّ فيها بإقْرارِه، يَجِبُ عليه بالبينةِ، كما قَبْلَ اليمينِ. وما ذَكَرَاه لا يَصِحُّ؛ لأنَّ البينةَ الأصْلُ، واليمينَ بدَلٌ عنها، ولهذا لا تُشْرَعُ إلَّا عندَ تَعَذرها، والبَدَلُ يَبْطُلُ بالقُدْرَةِ على المُبْدَلِ، كبُطْلانِ التَّيَمُّمِ بالقُدْرةِ على الماءِ، ولا يَبْطُلُ الأصْلُ بالقُدْرةِ على البَدَلِ. ويدُلّ على الفَرْقِ بينَهما، أنَّهما حال اجْتِماعِهما، وإمْكانِ سَماعِهما، تسْمَعُ البَيِّنَةُ، ويُحْكَمُ بها، ولا تُسْمَعُ اليمينُ، ولا يُسْألُ عنها.

فصل: فإن طَلَب المُدَّعِي حَبْسَ المُدَّعَى عليه، أو (٢) إقامةَ كَفيلٍ به إلى إقامَةِ بينتِه البعيدَةِ، لم يُقْبَلْ منه، ولم تكنْ له ملازَمَة خَصمِه. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ له قِبَلَه حَق يُحْبَسُ به، ولا يُقِيمُ به كَفِيلًا، ولأن الحَبْس عذاب، فلا يَلْزَمُ مَعْصُومًا لم يتَوَجَّهْ عليه حَق، ولو جازَ ذلك، لتَمَكَّنَ كلُّ ظالم مِن حَبْسِ مَن شاء مِن الناسِ بغيرِ حق. وإنْ كانت بينتُه قريبةً، فلَه مُلازَمَتُه حتى يُحْضِرَها؛ لأنَّ ذلك مِن ضَرُورَةِ إقامَتِها، فإنَّه لو لم يَتَمَكَّنْ مِن مُلازَمَتِه، لذَهَبَ مِن مجْلِسِ الحكمِ (٣)، ولا تُمْكِنُ إقامَتُها إلَّا بحَضْرَتِه. ولأنَّه لَمّا تَمَكَّنَ مِن إحْضارِه مَجْلِسَ الحكمِ


(١) ذكره بنحوه وكيع عن شريح وليس عن عمر في: أخبار القضاة ٢/ ٣٤٢.
(٢) في م: «و».
(٣) في م: «الحاكم».