للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَصْلٌ: وَإذَا حَكَمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ إلَى الحَاكِمِ

ــ

قَبِلَ، فدَلَّ (١) ذلك على أنَّ الاعْتِبارَ بشَهادَتِهما دُونَ الكتابِ. وقياسُ ما ذَكَرْنا، أنَّ الشاهِدَيْن إذا حَمَلا الكتابَ إلى غيرِ المكتوبِ إليه في حالِ حَياتِه، وشَهِدا عندَه، عَمِل به؛ لِما بَيَّنَّاه. فإن كان المكْتوبُ إليه خليفةً للكاتبِ، فمات الكاتِبُ أو عُزِل، انْعَزَلَ المكتوبُ إليه؛ لأنَّه نائبٌ عنه، فيُعْزَلُ بعَزْلِه ومَوْتِه، كَوُكَلائِه. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعىِّ: لا يَنْعَزِلُ خليفتُه، كما لا يَنْعَزِلُ القاضي الأصْلى بموتِ الإِمامَ ولا عَزْلِه. ولَنا، ما ذَكَرْناه، ويُفارِقُ الإِمامَ؛ لأنَّ الإِمامَ يَعْقِدُ القَضاءَ والإِمارةَ للمسلمين، فلم يَبْطُلْ ما عَقَدَه لغيرِه، كوِلَايةِ النِّكاحِ، [فإنَّه إذا] (٢) مات الولِىُّ، لم يَبْطُل النِّكاحُ، بخِلافِ نائبِ الحكمِ، فإنَّه تَنْعَقِدُ وِلايتُه لنفسِه نائِبًا عنه، فيَمْلِكُ عَزْلَه، ولأنَّ القاضىَ لو انْعَزَلَ بموتِ الإِمامِ، لدَخَلَ الضَّرَرُ على المسلمين؛ لأنَّه يُفْضِى إلى عَزْل (٣) القُضاةِ في جميعِ بلادِ الإِسْلامِ، وتَتَعَطَّلُ الأحْكامُ. فإذا ثَبَت أنَّه يَنْعَزِلُ، فليس له قَبولُ الكتابِ؛ لأنَّه حِينَئِذٍ ليس بقاضٍ.

فصل: قال الشيخُ، رَحِمَه اللهُ: (وإذا حَكَم عليه، فقال له: اكْتُبْ


(١) في الأصل: «قول».
(٢) في م: «فإذا».
(٣) بعده في ق: «الإمام».