للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّه يُعْرِبُ عن نَفْسِه في دَعْوَى الحُرِّيَّةِ، أشْبَهَ البَالِغَ. فأمَّا البالِغُ إذا ادَّعَى رِقَّه فأنْكَرَ، لم يَثْبُتْ رِقُّه إلَّا ببَيِّنَةٍ. وإن لم تكُنْ له بَيِّنَة، فالقَوْلُ قَوْلُه مع يَمِينِه في الحُرِّيةِ؛ لأنَّها الأصْلُ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصحابِ الرأىِ. فإنِ ادَّعَى رِقَّه اثْنَانِ، فأقرَّ لهما بالرِّقِّ، ثَبَتَ رِقُّه.

فإنِ ادَّعاه كلُّ واحدٍ منهما لِنَفْسِه، فاعْتَرَفَ لأحَدِهما، فهو لمَن اعْتَرَفَ له. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفةَ: يكونُ بينَهما نِصْفَيْن؛ لأنَّ يَدَهما عليه، فأشْبَهَ الطِّفْلَ والثَّوْبَ. ولَنا، أنَّه إنَّما ثَبَتَ رِقُّه باعْتِرافِه، فكان مَمْلُوكًا لمَن اعْتَرَفَ له، كما لو لم تكُنْ يَدُه عليه. ويُخالِفُ الثوْبَ والطِّفْلَ؛ فإنَّ المِلْكَ حَصَلَ فيهما باليَدِ، وقد تَساوَيا فيها، وَها هُنا حصَلَ بالاعْتِرَافِ، وقد اخْتَصَّ به أحَدُهما، فكان مُخْتَصًّا به. فإن أقامَ كُلُّ واحِدٍ منهما (١) بَيِّنَةً أنَّه مَمْلُوكُه، تعارَضَتا، وسَقَطَتا، ويُقْرَعُ بينَهما، أو يُقْسَمُ بينَهما، على ما مَرَّ مِن التفْصِيل. فإن قُلْنا بسُقُوطِهما, ولِم يَعْتَرِفْ لهما بالرِّقِّ، فهو حُرٌّ، وإنِ اعْتَرَفَ لأحَدِهما، فهو لمن اعْتَرَف له، وإن أقَرَّ لهما معًا، فهو بينَهما؛ لأن البَيِّنَتَيْن سَقَطَتا، فصارَتَا كالمعْدُومَتَيْن. وإن قُلْنا بالقُرْعَةِ أو بالقِسْمَةِ، فأنْكَرَهما، لم يُلْتَفَتْ إلى إنْكارِه، وإنِ اعْتَرَفَ لأحَدِهما، لم يُلْتَفَتْ إلى اعْتِرافِه؛ لأنَّ رِقَّه ثابِتٌ بالبَيِّنَةِ، فلم يبْقَ له يَدٌ على نَفْسِه، كما قُلْنا فيما إذا ادَّعَى رَجُلان دارًا في يَدِ ثَالثٍ، وأقامَ كُلُّ واحدٍ


(١) سقط من: م.