للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمُسْتَحِقِّ، وإنْ كان حقَّا لله تعالى، كحَدِّ الزِّنَى، وشُرْبِ الخمرِ، فتَوْبَتُه بالنَّدَمِ، والعَزْمِ على تَرْكِ العَوْدِ، ولا يشْتَرَطُ الإقْرارُ به، فإن كان ذلك لا يَشْتَهِرُ عنه، فالأوْلَى له سَتْرُ نَفْسِه، والتَّوبةُ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى؛ لأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن أَتَى شَيْئًا مِنْ هَذِه القَاذُورَاتِ، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإنَّه مَنْ أبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» (١). فإنَّ الغامِدِيَّةَ حينَ أقَرَّتْ بالزِّنَى، لم يُنْكِرْ عليها النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك (٢). وإن كانَتْ مَعْصِيَةً مَشْهُورةً، فذكرَ القاضى أنَّ الأوْلَى الإقْرارُ به (٣)، ليُقَامَ عليه الحَدُّ؛ لأنَّه إذا كان مَشْهُورًا، فلا فائدةَ في تَرْكِ إقَامَةِ (٤) الحَدِّ عليه. قال شيْخُنا (٥): والصَّحِيحُ أن تَرْكَ الإقْرارِ أوْلَى؛ لأن النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - عرَّضَ للمُقِرِّ عندَه بالرُّجوعِ (٦) عن الإقْرارِ، فعرَّضَ لماعز (٧)، وللمُقِرِّ عندَه بالسَّرِقةِ (٨) بالرُّجوعِ، معِ اشْتِهارِه عنه بإقْرارِه، وكَرِهَ الإقْرارَ، حتى قيلَ - إنَّه لَمَّا قطَعَ السَّارِق: كَأنَّما أُسِفَّ وَجْهُه رمادًا (٩). ولم يَردِ الأمرُ بالإقْرارِ، ولا الحَثُّ عليه في كتابٍ ولا سُنَّةٍ، ولا يَصِحُّ له قِياسٌ، إنَّما


(١) تقدم تخريجه في ٢٦/ ١٨٦.
(٢) تقدم تخريجه في ٢٦/ ١٩٦.
(٣) سقط من: م.
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) في: المغنى ١٤/ ١٩٣.
(٦) في الأصل: «عند الرجوع».
(٧) تقدم تخريجه في ٢٦/ ١٦٨.
(٨) تقدم تخريجه في ٢٦/ ٥٥٩.
(٩) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ١/ ٤١٩، ٤٣٨.