للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ غَيرِ الْمَأكُولِ بِالذَّكَاةِ.

ــ

تَطْهُرْ بِنَجِسٍ، كالاسْتِجْمارِ. وهل يَطْهُرُ الجِلْدُ بمُجَرَّدِ الدَّبْغِ قبلَ غَسله بالماءِ؟ فيه وجهان؛ أحدُهما، لا يَحصُلُ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «يُطَهِّرُهَا الماءُ والقَرَظُ». رواه أبو داود (١). ولأنَّ ما يُدبَغُ به نَجُس بمُلاقاةِ الجِلْد، فإذا انْدبغَ الجلدُ بَقِيَتِ الآلة نَجِسَةً، فَتَبْقَى نجاسةُ الجلدِ لملاقَاتِها له، فلا تَزُولُ إلَّا بالغَسْلِ. والثاني، يَطْهُرُ، لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: «أيما إِهَابٍ دُبغَ فَقَدْ طَهُرَ». ولأنّه طَهُرَ بانْقِلابِه، فلم يَفتَقِر إلي استعمال المِاءِ، كالخَمْرَةِ إذا انْقَلَبَتْ. وروَتْ عائشةُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «طَهُورُ كُل أَدِيم دِبَاغُه» (٢). قال شيخُنا: والأوَّلُ أَوْلَى، فإنَّ المعنى والخبرَ إنّما يَدُلّانِ على طهارةِ عَينه، وذلك لا يَمنَعُ مِن وُجُوبِ غَسْلِه مِن نجاسةٍ تُلاقِيه، كما لو أصابَتْه نجاسةٌ سِوَى آلةِ الدَّبْغِ، أو أصابَتْه آلةُ الدَّبْغ بعدَ فَصْلِه عنها (٣). ولأصْحابِ الشافعي وجهان كهذَين.

فصل: ولا يفْتَقِرُ الدَّبْغُ إلى فِعْلٍ، فلو وَقَع جلدٌ في مَدْبَغَةٍ فانْدَبَغ، طَهُرَ؛ لأنَّها إزالةُ نجاسةٍ، فهو كالمَطَرِ يُطَهِّرُ الأرضَ النَّجِسَةَ.

٣٦ - مسألة؛ قال: (ولا يَطْهُرُ جِلْدُ غَيرِ المَأْكُولِ بالذَّكاةِ) وهذا


(١) في: باب في أهب الميتة، من كتاب اللباس. سنن أبي داود ٢/ ٣٨٧.كما رواه النسائي، في: باب ما يدبغ به من جلود الميتة، من كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى ٧/ ١٥٤. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٣٣٤.
(٢) أورده صاحب كنز العمال وعزاه إلى أبي بكر في الغيلانيات. كنز العمال ٩/ ٤١٨. وأخرجه البيهقي بلفظ: «طهور كل إهاب دباغه». السنن الكبرى ١/ ٢١.
(٣) انظر: المغني ١/ ٩٦.