للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحَجَّ، والدُّعاءَ، والاسْتِغْفَارَ، كلُّها عِباداتٌ بَدَنِيَّةٌ، وقد أوْصَلَ اللهُ نَفْعَها إلى المَيِّتِ، فكذلك ما سِواها، مع ما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثِ في ثَوابِ مَن قَرَأ يسَ، وتَخْفِيفِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عن أهلِ المَقابِرِ بقِراءَتِه. ولأنَّه عَمَلُ بِرٍّ وطاعَةٍ، فوَصَلَ نَفْعُه وثَوابُه، كالصَّدَقَةِ، والصيامِ، والحَجَّ الواجِبِ. وقال الشافعىُّ: ما عَدَا الواجِباتِ، والصَّدَقَةَ، والدُّعاءَ، والاسْتِغْفَارَ، لا يُفْعَلُ عن المَيِّتِ، ولا يَصِلُ ثَوابُه إليه؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (١). وقولِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا مَاتَ

ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ؛ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ، أوْ ولَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (٢). ولأن نَفْعَه لا يَتَعَدَّى فاعِلَه، فلا يَتَعَدَّاه ثَوابُه. وقال بعضُهم: إذا قُرِئ القُرْآنُ عندَ المَيِّتِ، أو أُهْدِىَ إليه ثَوابُه، كان الثَّوابُ لقارِئِه، ويَكُونُ المَيِّتُ كأنَّه حاضِرُها، فتُرْجَى له الرَّحْمَةُ. ولَنا، ما ذَكَرْناه، وأنَّه إجْماعُ المُسْلِمِين؛ فإنَّهم في كلِّ عَصْرٍ


(١) سورة النجم ٣٩.
(٢) أخرجه مسلم، في: باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، من كتاب الوصية. صحيح مسلم ٣/ ١٢٥٥. وأبو داود، في: باب فيما جاء في الصدقة عن الميت، من كتاب الوصايا. سنن أبى داود ٢/ ١٠٦. والترمذى، في: باب في الوقف، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى ٦/ ١٤٤. والنسائى، في: باب فضل الصدقة عن الميت، من كتاب الوصايا، المجتبى ٦/ ٢١٠. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٧٢.