للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَجِبُ الخُمْسُ في قَلِيلِه وكَثِيرِه، بِنَاءً على أنَّه رِكاز؛ لعُمُومِ الأحادِيثِ التى احْتَجُّوا بها، ولأنَّه لا يُشْتَرَطُ له حَوْلٌ، فلم يُشْتَرَطْ له نِصابٌ، كالرِّكازِ. ولَنا، قولُه عليه السلامُ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أوَاقٍ صَدَقَة» (١). وقولُه عليه السلامُ: «لَيْسَ فِى الذَّهَبِ شَىْءٌ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا» (٢). ولأنّها زكاة تَتَعَلَّقُ بالأثْمانِ أو بالقِيمَةِ، فاعْتُبِرَ لها النِّصابُ، كالأثْمانِ والعُرُوضِ. وقد بَيَّنّا أن هذا ليس برِكازٍ، وأنَّه مُفارِقٌ للرِّكازِ مِن حيثُ إنَّ الرِّكازَ مالُ كافِرٍ مَظْهُورٌ عليه في الإِسْلامِ، فهو كالغَنِيمَةِ. وهذا وَجَب مُواساةً وشُكْرًا لنِعْمَةِ الغِنَى، فاعْتُبِرَ له النِّصابُ كسائِرِ الزَّكَواتِ. وإنَّما لم يُعْتَبَرْ له الحَوْلُ؛ لحُصُولِه دُفْعَةً واحِدَةً، فأشْبَهَ الزُّرُوعَ والثِّمارَ، ولأنَّ النَّماءَ يَتَكامَلُ فيه بالوُجُودِ والأخْذِ، فهو كالزَّرْعِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُشْتَرَطُ إخْراجُ النِّصابِ دُفْعَةً واحِدَةً أو دُفَعاتٍ لا يُتْرَكُ العَمَلُ بَيْنَهُنَّ تَرْكَ إهْمالٍ، فإن أخْرَجَ دُونَ النِّصابِ، ثم تَرَك العَمَلَ مُهْمِلًا له، ثم أخْرَجَ دُونَ النِّصاب، فلا زكاةَ فيهما وإن بَلَغا بمَجْمُوعِهما نِصابًا؛ لفَواتِ الشَّرْطِ. وإن بَلَغ أحَدُهما نِصابًا


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣١٠.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٣١٠.