للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحَوْلُ وهو ثَلَاثَةُ آلافٍ، فعلى رَبِّ المالِ زكاةُ أَلْفَيْن؛ لأنَّ رِبْحَ التِّجارَةِ حَوْلُه حَوْلُ أصْلِه على ما بَيَّنَّا وقال الشافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: عليه زكاةُ الجَمِيعِ؛ لأنَّ الأصْلَ له، والرِّبْحُ نَماءُ مالِه. ولا يَصِحُّ ذلك؛ لأنَّ حِصَّةَ المُضارِبِ له، وليست مِلْكًا لرَبِّ المالِ، بدَلِيلِ أنَّ للمُضارِبِ المُطالَبَةَ بها, ولو أراد رَبُّ المالِ دَفْعَ حِصَّتِه إليه مِن غيرِ هذا المالِ، لم يَلْزَمْه قَبُولُه، ولا يَجِبُ على الإِنْسانِ زكاةُ مِلْكِ غيرِه، ولأنَّ رَبَّ المالِ يقولُ: حِصَّتُك أيُّها العامِلُ مُتَرَدِّدَةٌ بينَ أن تَسْلَمَ فتكونَ لك، أو تَتْلَفَ فلا تكونُ لى ولا لك، فكيف يَجِبُ علىَّ زكاةُ ما ليس لي بوَجْهٍ ما؟ وقولُه: إنَّها نَماءُ مالِه. قُلْنَا: إلَّا أنَّه لغيرِه، فلم تَجِبْ عليه زَكاتُه، كما لو وَهب نِتاجَ سائِمَتِه لغيرِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُخْرِجُ الزكاةَ مِن المالِ؛ لأنَّه مِن مُؤْنَتِه، فكان منه، كمُؤْنَةِ حَمْلِه، ويُحْتَسَبُ مِن الرِّبْحِ؛ لأنَّه وِقايَةٌ لرَأسِ المالِ، كذلك ذَكَرَه شيخُنا في كِتَابِ «المُغْنِى» (١). وقال في كِتابِ «الكافِى» (٢): تُحْتَسَبُ الزكاةُ مِن حِصَّةِ رَبِّ المالِ؛ لأنَّها واجبَةٌ عليه، فحُسِبَتْ مِن نَصِيبِه، كدَيْنِه. فأمّا حِصَّةُ المُضارِبِ، فمَن أَوْجَبَها لم يُجَوِّزْ إخْراجَها مِن المالِ؛ لأنَّ الرِّبحَ وِقايَةٌ لرَأسِ المالِ. ويَحْتَمِلُ أن يَجُوزَ؛ لأنَّهما دَخَلا على حُكْمِ الإِسلام، ومِن حُكْمِه وُجُوبُ الزكاةِ، وإخْراجُها مِن المالِ. ولأصحابِ الشافعىِّ في هذه المَسْألَةِ نحوٌ ممّا ذَكَرْنا.


(١) ٤/ ٢٦٠.
(٢) ١/ ٣١٨.