للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يُطِلْ. وكذلك له الخُروجُ إلى ما أوْجَبَه اللهُ تعالى عليه؛ مثلَ مَن يَعْتَكِفُ في مَسْجِدٍ لا جُمُعَةَ فيه، فيَحْتاجُ إلى الخُرُوجِ لصلاةِ الجُمُعَةِ، ولا يَبْطُلُ اعْتِكافُه به. وبهذا قال أبو حَنِيفَةَ. وقال الشافعىُّ في مَن نَذَر اعْتِكافًا متَتابِعًا، فخَرَجَ منه لصلاةِ الجُمُعَةِ: بَطَل اعْتِكافُه، وعليه الاسْتِئْنافُ؛ لأنَّه أمْكَنَه فَرْضُه بحيث لا يَخْرُجُ منه، فبَطَلَ بالخُرُوجِ، كالمُكَفِّرٍ إذا ابْتَدَأ صَوْمَ الشَّهْرَيْن المُتَتابِعَيْن في شعبانَ، أو ذِى الحِجَّةِ. ولَنا، أنَّه خرَج لواجِبٍ، فلم يَبْطُلِ اعْتِكافُه، كالمُعْتَدَّةِ تَخْرُجُ لقَضاءِ العِدَّةِ، وكالخارِجِ لإِنْقاذِ غَرِيقٍ، وإطْفاء حَرِيقٍ، وأداءِ شَهادَةٍ تعَيَّنَتْ عليه، ولأنَّه إذا نَذَر أيَامًا فيها جُمُعَةٌ، فكأنَّه اسْتَثْنَى الجُمُعَةَ بلَفْظِه، ثم يَبْطُلُ بما إذا نَذَرَتِ المرأةُ أيَّامًا فيها عادَةُ حَيْضِها، فإنَّه يَصِحُّ مع إمْكانِ فَرْضِها في غيرِها، والأصْلُ مَمْنُوعٌ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إذا خَرَج لواجِبٍ، فهو على اعْتِكافِه ما لم يُطِلْ؛ لأنَّه خُرُوجٌ لا بُدّ منه، أشْبَهَ الخُرُوجَ لحاجَةِ الإنْسانِ. فإن كان خُرُوجُه لصلاةِ الجُمُعَةِ فله أن يتَعَجَّلَ. قال الإِمامُ أحمدُ: أرْجُو أن يكونَ له؛ لأنَّه خرُوجٌ جائِزٌ، فجازَ تعْجيلُه، كالخرُوجِ لِحاجَةِ الإَنسانِ. فإذا صَلَّى الجُمُعَة، فأحَبَّ أن يَعْتَكِفَ في الجامِعِ، فله ذلك؛ لأنه مَحَلٌّ للاعْتِكافِ، والمَكانُ لا يَتَعَيَّنُ للاعْتِكافِ بتَعْيِينِه، فمع عَدَمِ ذلك أوْلَى.