للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّه حَصَل دُونَ المِيقاتِ على وَجْهٍ مُباحٍ، فكانَ له الِإحْرامُ منه، كأهْلِ ذلك المَكانِ، ولأنَّ هذا القولَ يُفْضِى إلى أنَّ (١) مَن كان مَنْزِلُه دُونَ المِيقاتِ، إذا خَرَج إلى المِيقاتِ ثم عاد إلى مَنْزِلِه وأرادَ الإِحْرامَ، لَزِمَه الخُروجُ إلى المِيقاتِ، ولا قائِلَ به، ولأنَّه مُخالِفٌ لقولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُه دُونَ المِيقَاتِ فَمُهَلُّهُ مِنْ أهْلِهِ». القِسْمُ الثّانِى، مَن يُرِيدُ دُخولَ الحَرَمِ إلى مَكَّةَ أو غَيرِها، وهم على ثَلاثَةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُها، مَن يَدْخُلُها لقتالٍ مُباحٍ، أو مِن خَوْفٍ، أو لحاجَةٍ؛ كالحَطّابِ، والحَشّاشِ، وناقِلِ المِيرَةِ (٢)، والفَيْجِ (٣)، ومَن كانَتْ له ضَيْعَةٌ يَتَكَرَّرُ دُخُولُه وخُرُوجُه إليها، فلا إحْرامَ عليهم؛ لأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَل يومَ فَتْحِ مَكَّةَ حَلالًا وعلى رَأْسِه المِغْفَرُ، وكذلك أصحابُه، ولم يُعْلَمْ أنَّ أحَدًا منهمِ أحْرَمَ، ولأنَّا لو أوْجَبْنا الإِحْرامَ على مَن يَتَكَرَّرُ دُخُولُه أفْضَى إلى أن يَكُونَ في جَمِيعِ زَمَنِه مُحْرِمًا، فسَقَطَ للحَرَجِ. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ لأحَدٍ دُخُولُ الحَرَمِ بغيرِ إحْرامٍ، إلَّا مَن كان دُونَ المِيقاتِ؛ لأنَّه يُجاوِزُ المِيقاتَ مُرِيدًا للحَرَمِ، فلم يَجُزْ بغيرِ إحْرامٍ.


(١) زيادة يستلزمها السياق.
(٢) المِيرة: الطعام يجمع للسفر ونحوه.
(٣) في النسختين: «الفيح» بالحاء. والفيج: رسول السلطان على رجله، أو الذى يسعى بالكتب. ويأتي في الإنصاف في صفحة ١٢٢.