للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هكذا قال ابنُ عباسٍ. وهذا قولُ الشافعىِّ. ولَنا، قَوْلُه سُبْحانَه: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}. و «أوْ» في الأمْرِ للتَّخْيِيرِ. رُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: كلُّ شئٍ «أوْ» فهو مُخَيَّرٌ، وأمّا ما كان «فإنْ لَمْ يَجِدْ» فهو الأوَّلُ فالأوَّلُ] (١).

ولأنَّه عَطَف هذه الخِصالَ بَعْضَها على بَعْض بـ «أو»، فكانَ مُخَيَّرًا في جَمِيعِها، كفِدْيَةِ الأذَى. وقد سمَّى الله تعالى الطَّعامَ كَفّارَةً، ولا يَكُونُ كَفّارَةً ما لم يَجِبْ إخْراجُه وجَعْلُه طَعامًا للمَساكِينِ، وما لا يَجُوزُ صَرْفُه إليهم لا يَكُونُ طَعامًا لهم. ولأنَّها كَفّارَةٌ ذَكَر فيها الطَّعامَ، فكانَ من خِصالِها كسائِرِ الكَفّاراتِ، وقَوْلُهم: إنَّها وَجَبَتْ بفِعْلِ مَحْظورٍ. يَبْطُلُ بفِدْيَةِ الأذَى. على أنَّ لَفْظَ النَّصِّ صَرِيحٌ في التَّخْيِيرِ، فليس تَرْكُ مَدْلُولِه قِياسًا على هَدْىِ المُتْعَةِ بأوْلَى مِن العَكْسِ، فكما لا يَجُوزُ ثَمَّ، لا يَجُوزُ هنا.


(١) أخرجه البيهقى، في: باب التخيير بين الإطعام والكسوة والعتق، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى ١٠/ ٦٠.