للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكثيرُ، فيَجِبُ رَدُّه، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه؛ لأنَّ ما كان مُباحًا له في حالِ الحَرْبِ، فإذا أخَذَه على وَجْهٍ يَفْضُلُ منه كثيرٌ إلى دارِ الإِسْلامِ، فقد أخَذَ ما لا يحْتاجُ إليه، فيَلْزَمُه رَدُّه؛ لأنَّ الأصْلَ تَحْرِيمُه؛ لكَوْنِه مُشْتَرَكًا بينَ الغانِمِين، فهو كسائِرِ المالِ. وإنَّما أُبِيحَ منه ما دَعَتِ الحاجَةُ إليه، فما زادَ يَبْقَي على أصْلِ التَّحْريمِ، ولهذا لم يُبَحْ بَيْعُه. وأمَّا اليَسِيرُ، ففيه رِوايتان؛ إحْداهُما، يجِبُ رَدُّه أيضًا. اخْتارَه أبو بكْرٍ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وابنِ المُنْذِرِ، وأبى ثَوْرٍ، وهو أحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ؛ لِما ذَكَرْنا في الكثيرِ، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: «أدُّوا الْخَيْطَ والْمِخْيَطَ». ولأنَّه مِن الغَنِيمَةِ، ولم يُقْسَمْ، فلم يُبَحْ في دارِ الإِسْلامِ، كالكثيرِ، وكما لو أخَذَه في دارِ الإِسْلامِ. والثانيةُ، يُباحُ. وهو قولُ مَكْحُولٍ، وخالدِ بنِ مَعْدانَ (١)، وعَطاءٍ الخُراسانِىِّ (٢)، ومالكٍ، والأوْزَاعِىِّ. قال أحمدُ:


(١) خالد بن معدان بن أبى كريب الكلاعى أبو عبد اللَّه الحمصى، تابعى من أئمة الفقه. توفى سنة ثلاث ومائة سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٣٦ - ٥٤١.
(٢) عطاء بن أبى مسلم الخراسانى، المحدث الواعظ، قدم المدينة بعد وفاة عامة الصحابة. توفى سنة خمس وثلاثين ومائة ودفن ببيت المقدس. سير أعلام النبلاء ٦/ ١٤٠ - ١٤٣.