للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

- صلى اللَّه عليه وسلم- نِساءَهم، وهو كان أوْلَى بعِلْمِ ذلك. ويَجُوزُ أن يَصِحَّ هذا الذى ذُكِرَ عن علىٍّ مع تَحْرِيمِ نِسائِهِم؛ لأنَّ الكتابَ المُبِيحَ لذلك هو الكِتابُ المُنَزَّلُ على إحْدَى الطّائِفَتَيْن، وليس هؤلاء منهم، ولأنَّ كتابَهم رُفِعَ، فلم يَنْتَهِضْ للإِباحَةِ، وثَبَت به حَقْنُ دِمائِهم. فأمَّا قَوْلُ أبى ثوْرٍ في حِلِّ ذَبائِحِهم ونِسائِهم، فيُخالِفُ الإِجْماعَ، فلا يُلْتَفَتُ إليه. وقولُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أهْلِ الكِتَابِ». أي في أخْذِ الجِزْيَةِ منهم. إذا ثَبَت ذلك، فإنَّ أخْذَ الجِزْيَةِ مِن أهْلِ الكتابَيْنِ والمَجُوسِ إذا لم يكونُوا مِن العَرَبِ، ثابِتٌ بالإِجْماعِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، فإنَّ الصَّحابَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، أجْمَعُوا على ذلك، وعَمِلَ به الخُلَفاءُ الرّاشِدون ومَن بعدَهم، مع دَلالَةِ الكِتابِ العَزيزِ على أخْذِ الجِزْيَةِ مِن أهْلِ الكِتابَيْن، ودَلالَةِ السُّنَّةِ المذْكُورَةِ على أخْذِها مِن المَجُوسِ. فإن كانوا مِن العَرَبِ، فحُكْمُهم حُكْمُ العَجَمِ في ما ذَكَرْنا. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ، والأوْزاعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو يُوسُفَ: لا تُؤْخَذُ الجِزْيَةُ مِن العربِ؛ لأنَّهم شَرُفُوا بكَوْنِهم مِن رَهْطِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولَنا، عُمُومُ الآيةِ، وأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعَث خالِدَ بنَ الوليدِ إلى دُومَةِ الجَنْدَلِ، فأخَذَ أُكَيْدِرَ دُومَةَ، فصَالَحَه على الجِزْيَةِ، وهو مِن العَرَبِ. رَواه أبو داودَ (١). وأخَذَ الجِزْيَةَ مِن نَصارَى نَجْرانَ، وهم عَرَبٌ. وبَعَثَ مُعاذًا إلى اليَمَنِ، فقال: «إِنَّكَ


(١) في: باب في أخذ الجزية، من كتاب الإمارة. سنن أبى داود ٢/ ١٤٩.