للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن النّاسِ، وهو رَجُلٌ مِن المُسْلِمِينَ. وكَرِهَ البَيْعَ. قال شَيْخُنا (١): وإنَّما رَخصَ في الشّراء، واللَّهُ أَعلَمُ، لأنَّ بعضَ الصّحابَةِ اشْتَرَى، ولم يُسْمَعْ عنهم البَيْعُ، ولأَنَّ الشِّراءَ اسْتِخْلاصٌ للأَرضِ، ليَقُومَ فيها مَقامَ مَن كانت في يَدِه، والبَيْعُ أَخذُ عِوَضٍ عَمّا لا يَمْلِكُه ولا يَسْتَحِقُّه، فلا يَجُوزُ. ولَنا، إِجْمَاح الصَّحَابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، فإنَّه رُوِى عن عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه قال: لا تَشْتَرُوا رَقِيقَ أَهْلِ الذِّمَّةِ ولا أرَضِيهم (٢). وقال الشَّعْبِىُّ: اشْتَرَى عُتْبَةُ بنُ فَرْقَدٍ أَرْضًا على شاطِئ الفُرَاتِ، لِيَتَّخِذَ فيها قَصَبًا، فذَكَرَ ذلك لعمرَ، فقال: مِمَّن اشْتَرَيْتَها؟ قال: مِن أرْبابِها. فلمَّا اجْتَمَعَ المُهاجِرُونَ والأَنْصَارُ، قال: هؤُلاءِ أَربَابُها، فهل اشْتَرَيْتَ منهم شَيْئًا؟ قال: لَا. قال: فارْدُدْهَا على (٣) مَن اشْتَرَيْتَها منه، وخُذ مالَكَ (٤). وهذا قولُ عمرَ في المُهاجِرِينَ والأَنْصَارِ، بمحضرِ سادَةِ الصَّحَابَةِ وأَئِمَّتِهِم، فلم يُنْكَرْ، فكان إجْماعًا, ولا سَبِيلَ إلى وُجُودِ إجماعٍ أقْوى مِن هذا وشِبْهِه، إذ لا سَبِيلَ إلى نَقْلِ قَوْلِ جَمِيعِ الصَّحابَةِ في مَسْأَلةٍ، ولا إلى


(١) في: المغنى ٤/ ١٩٣.
(٢) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في شراء أرض الخراج، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ٢١١. وعبد الرزاق، في: باب كم يؤخذ مهم في الجزية، وباب المسلم يشترى أرض اليهود ثم تؤخذ منه أو يسلم، من كتاب أهل الكتابين. المصنف ١٠/ ٣٣٠، ٣٣٧.
(٣) في م: «إلى».
(٤) الأموال ٨٧.