للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لهما, لا تَغْرِيرَ مِن أحَدِهما، أشْبَهَ ما لو عَلِمَا كَيْلَه أو جَهِلاهُ. ولم يَثْبُتْ ما رُوِى مِن النَّهْى فيه، وإنَّما كَرِهَه أحمدُ كراهَةَ تنزِيهٍ؛ لاخْتِلافِ العُلَماءِ فيه. ولأنَّ تَسْويَتَهما في العِلْمِ والجَهْلِ أبعدُ مِن التَّغْرِيرِ. وقال القاضِى وأصحاِبُه: هذا بمنزِلَةِ التَّدْلِيسِ والغِشِّ، إن عَلِمَ به المُشْتَرِى فلا خيارَ له؛ لأَنَّه دَخَلَ على بصيرَةٍ، فهو كمَن اشْتَرَى مُصَرَّاةً، يَعلَمُ تَصْرِيَتَها. وإن لم يَعْلَمْ أنَّ البائِعَ كِان عالِمًا بذلك، فله الخِيارُ في الفَسْخِ والإِمْضاءِ. وهذا قولُ مالِكٍ؛ لأَنَّه غِشٌّ وغَرَرٌ مِن البائِعِ، فصَحَّ العَقْدُ معه، ويَثْبُتُ للمُشْتَرِى الخِيارُ. وذَهَبَ بعضُ أصحابِه إلى أنَّ البَيْعَ فاسِدٌ، والنَّهْىَ يَقْتَضِى الفَسَادَ.

فصل: فإنْ أخْبَرَهُ البائِعُ بكَيْلِه، ثم باعَهُ بذلك الكَيْلِ، فالبَيْعُ صَحِيحٌ. فإنْ قَبَضَه باكْتِيَالِه، تمَّ البَيْعُ والقَبْضُ، وإنْ قَبَضَه بغيرِ كَيْلٍ، كان بمَنْزِلَةِ قَبْضِه جُزَافًا؛ إن كان المَبِيعُ (١) باقِيًا كَالَه عليه، فإنْ كان قدْرَ حَقِّهِ الذى أَخْبَرَه، فقد اسْتَوْفاهُ، وإنْ كان زائِدًا رَدَّ الفَضْلَ، وإنْ كان ناقِصًا أخَذَ النَّقْصَ، وإنْ كان قد تَلِفَ فالقَوْلُ قَوْلُ القابِضِ [في قَدْرِه] (٢) مع يَمِينِه، سواءٌ قَلَّ القَبْضُ أو كثُرَ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ القَبْضِ وبقاءُ الحَقِّ. وليس للمُشْتَرِى التَّصَرُّفُ في الجميعِ قبلَ كَيْلِه؛ لأنَّ للبائِع فيه عُلْقَةً، فإنَّه لو زاد، كانتِ الزِّيَادَةُ له، ولا يَتَصَرَّفُ في أَقَلَّ مِن حَقِّه،


(١) في م: «البيع».
(٢) سقط من: م.