للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال أصْحَابُنا: يَجُوزُ؛ لأَنَّهما جِنْسَانِ لا يَحْرُمُ التَّفَاضُل بينهما، أشْبَهَ ما لو اشْتَرَاها بِعَرْضٍ. وقال أبو حَنِيفَةَ: لا يَجُوزُ اسْتِحْسانًا؛ لأنَّهما كالشئِ الواحِدِ في مَعْنَى الثَّمَنِيَّةِ، ولأنَّ ذلك يُتَّخَذُ وَسِيلَةً إلى الرِّبا، فهو كما لو بَاعَها بجِنْسِ الثَّمَنِ الأَوَّلِ. قال شَيْخُنا (١): وهذا أصَحُّ، إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالَى. وهذه المَسألةُ تُسَمَّى مسألةَ العِينَةِ. قال الشاعِرُ (٢):

أنَدَّانُ أَمْ نَعْتَانُ أمْ يَنْبَرِى لَنَا ... فَتًى مِثْلُ نَصْلِ السَّيْفِ مِيزَتْ مَضَارِبُه (٣)

ومَعْنى نَعْتَانُ: أى نَشْتَرِى عِينَةً كما وَصَفْنا. وقد رَوَى أبو داودَ (٤)، بإِسْنادِه، عن ابنِ عمرَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقولُ: «إذا تَبَايَعْتُمْ بالْعِينَةِ، وأَخَذْتُمْ أذنَابَ الْبَقَرِ، ورَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وتَرَكْتُمُ الجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُم». وهذا وَعِيدٌ يدُلُّ على التَّحْرِيمِ. وقد رُوِى عن أحمدَ، أنَّه قال: الْعِينَةُ أَنْ يكونَ


(١) في: المغنى ٦/ ٢٦٢.
(٢) نسبه ابنُ منظور في اللسان (د ى ن) إلى شمر.
(٣) في اللسان: «هزت مضاربه». وندان: نأخذ دَيْنا.
(٤) في: باب في النهى عن العينة، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٤٦.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٢، ٨٤.