للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو أدْخَلَ عليه مِن غَلَّتِه شَيْئًا، فادَّخَرَه، لم يكُنْ مُحْتَكِرًا. رُوِى ذلك عن الحَسَنِ، ومالِكٍ. قال الأَوْزَاعِىُّ: الجالِبُ ليس بمُحْتَكِرِ؛ لقَوْلِه: «الجالِبُ مَرْزُوقٌ، والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ». ولأنَّ الجالِبَ لا يُضَيِّقُ على أحَدٍ، ولا يَضُرُّ، بل يَنْفَعُ، فإنَّ النَّاسَ إذا عَلِمُوا عِندَه طَعامًا مُعَدًّا للبَيْعِ، كان أَطْيَبَ لقُلُوبِهِم. الثانى، أَنْ يكونَ قُوتًا. فأمَّا الإِدامُ والعَسَلُ والزَّيْتُ وعَلَفُ البَهائِمِ، فليس احْتِكارُه بمُحَرَّم. قال الأَثْرَمُ: سُئِلَ أبو عبدِ اللَّهِ، عن أىِّ شئٍ الاحْتِكارُ؟ قال: إذا كان مِن قُوتِ النّاسِ، فهذا الذى يُكْرَهُ. وهذا قولُ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو. وكان سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ يَحْتَكِرُ الزَّيْتَ (١). وهو رَاوِى حديثِ الاحْتِكَارِ. قال أبو داودَ: وكان يَحْتَكِرُ النَّوَى والخَيْطَ والبَزْرَ. ولأنَّ هذه الأَشْياءَ لا تعُمُّ الحاجَةُ إليها، أشْبَهَتِ الثِّيَابَ والحَيَوانَ. الثالثُ، أَنْ يُضَيِّقَ على النَّاسِ بشِرائِه. ولا يَحْصُلُ ذلك إلَّا بأمْرَيْنِ؛ أحَدُهما، أَنْ يكونَ في بَلَدٍ يُضَيِّقُ بأهْلِه الاحْتِكارُ، كالحَرَمَيْنِ، والثُّغُورِ. قاله أحمدُ. فظاهِرُ هذا أنَّ البِلادَ الواسِعَةَ الكَبِيرَةَ، كبَغْدَادَ، والبَصْرَةِ، ومِصْرَ، ونَحْوِها، لا يَحْرُمُ فيها الاحْتِكَارُ؛ لأنَّ ذلك لا يُؤَثِّرُ فيها غالِبًا. الثّانى، أَنْ يكونَ في حالِ الضِّيقِ،


(١) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الحكرة، من كتاب البيوع. المصنف ٨/ ٢٠٣.