للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم أَقامَا بَقِيَّةَ يَؤْمِهِما ولَيْلَتِهما، فلَمَّا أَصْبَحَا (١) مِن الغَدِ وحَضَرَ الرَّحِيلُ، قامَ إلى فَرَسِه يُسْرِجُهُ، فنَدِمَ، فأَتَى الرَّجُلَ، وأَخذَه بالبَيْعِ، فأبَى الرَّجُلُ أَنْ يَدْفَعَه إليه، فقال: بَيْنِى وبَيْنَكَ أبو بَرْزَةَ صاحِبُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأَتيَا أبا بَرْزَةَ في ناحِيَةِ العَسْكَرِ، فقالُوا له هذه القِصَّةَ، فقال: أَتَرْضَيَانِ أَنْ أقْضِىَ بَيْنَكُما بقَضَاءِ رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «البَيِّعَانِ بالخِيارِ ما لم يَتَفَرَّقَا». وما أَرَاكُما افْتَرَقْتُما. فإنْ فارَقِ أحَدُهما الآخَرَ مُكْرَهًا، احْتَمَلَ بُطلانُ الخِيارِ؛ لوُجُودِ التَّفَرُّقِ، ولأنَّه لا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ في مُفَارَقَةِ صاحِبِه له، فكذلك في مُفَارَقَتِه لِصَاحِبِه. وقال القاضِى: لا يَنْقَطِعُ الخِيارُ؛ لأنَّهُ حُكْمٌ عُلِّقَ على التَّفَرُّقِ، فلم يَثْبُتْ مع الإِكْرَاهِ، كما لو عُلِّقَ عليه الطَّلاقُ. ولأصْحَابِ الشَّافِعِىِّ وَجْهانِ كهذَيْن. فعلى قَوْلِ مَنْ لا يَرَى انْقِطَاعَ الخِيارِ، إنْ أُكْرِهَ أَحَدُهما على فُرْقَةِ صاحِبِه، انْقَطَعَ خِيارُ صاحِبِه، كما لو هَرَبَ منه، ويَبْقَى الخِيارُ للمُكْرَهِ منهما في المَجْلِسِ الذى يَزُولُ عنه الإكرَاهُ فيه، حتى يُفَارِقَه. وإنْ أُكْرِهَا جَمِيعًا، انْقَطَعَ خِيارُهما؛ لأَنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يَنْقَطِعُ خِيارُه بفُرْقَةِ الآخَرِ له، فأشْبَهَ ما لو أُكْرِهَ صَاحِبُه دُونَه. وذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ مِن صُوَرِ الإِكْراهِ، ما لو رَأيَا سَبُعًا أو ظَالِمًا خَشِياهُ، فَهَرَبَا فَزَعًا منه، أو حَمَلَهُما سَيْلٌ، أو فَرَّقَتْ بَيْنَهُما رِيحٌ. فإن خَرِسَ أحَدُهما، قامَتْ إِشَارَتُه مَقامَ نُطْقِه، فإنْ لم تُفهَمْ إشارَته، أو جُنَّ، أو أُغْمِىَ عليه، قامَ أبُوهُ، أو وَصِيُّه، أو الحاكِمُ،


(١) في م: «أصبحنا».