للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّه أرْخَصَ في العَرِيَّةِ، النَّخْلَةِ والنَّخْلَتَينِ يأْخُذُهما أهْلُ البَيتِ بخَرْصِهما تمْرًا، يَأْكُلُونها رُطَبًا (١). ولأنَّه مَبِيعٌ يَجِبُ فيه مِثْلُه تمْرًا، فلم يَجُزْ بَيعُه بمثْلِهِ رُطَبًا، كالتَّمْرِ الجافِّ. ولأنَّ مَنْ له رُطَبٌ، فهو مُسْتَغْن عن شراءِ الرُّطَبِ بأَكْلِ ما عنده، وبَيعُ العَرَايَا يُشْتَرَطُ فيه حاجَةُ المُشْتَرِي، على ما أسْلَفْنَاهُ. وحَدِيثُ ابنِ عُمَرَ (٢) شَكٌّ في الرُّطَبِ والتَّمْرِ، فلا يَجُوزُ العَمَلُ به مع الشَّكِّ، لا سِيَّما وهذه الأحَادِيثُ تُثْبتُه، وتُزِيلُ الشَّكَّ.

الخامسُ، التَّقَابُضُ في المَجْلِسِ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا؛ لأنَّه بَيعُ تَمْرٍ بتَمْرٍ، فاعْتُبِرَ فيه شُروطُه، إلَّا ما اسْتَثْناهُ الشَّرْعُ مما لم يمْكِنِ اعْتِبارُه في بَيعِ العَرَايَا. والقَبْضُ في كُل واحِدٍ منهما على حَسَبِه، ففي التَّمْرِ اكْتِيالُه، وفي الثَّمَرِ التَّخْلِيَةُ. وليس من شُرُوطِه حُضُورُ التَّمْرِ عند النَّخِيلِ، بل لو تَبَايَعَا بعد مَعْرِفَةِ التَّمْرِ والثَّمَرَةِ، ثم مَضَيا جَمِيعًا إلى النَّخِيلِ فَسَلَّمَه إلى مُشْتَريه، ثم مَضَيَا إلى التَّمْرِ فَسَلَّمَه البائِعِ، أو تَسَلَّمَ التَّمْرَ أوَّلًا ثم مَضَيَا إلى النَّخْلِ فسَلَّمَه، جازَ؛ لأنَّ التَّفَرُّق لم يَحْصُل قبلَ القَبْضِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ بَيعَ العَرِيَّةِ يَقَعُ على وَجْهَينِ؛ أحَدُهما،


(١) أخرجه البخاري، في: باب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب والفضة، وباب تفسير العرايا، من كتاب البيوع. صحيح البخاري ٣/ ٩٩، ١٠٠. ومسلم، في: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٧٠.
(٢) في م: «يحيى».