للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيتَيَمَّمُ؟ قاك: لا. ولَنا، ما روَى أبو ذَرٍّ، أنّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ، وَإنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمسَّهُ بَشَرَتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيرٌ» (١). قال التِّرْمِذِيُّ: حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ. وهذا عامٌّ في السَّفَرِ وغيرِه، ولأنَّه عادِمٌ للماءِ، أشْبَهَ المُسافِرَ. فأمَّا الآيَةُ، فلَعَلَّ ذِكْرَ السَّفَرِ فيها خَرَج مَخْرَجَ الغالِبِ؛ لكَوْنِ الغالِبِ أنَّ الماءَ إنَّما يُعْدَمُ فيه, كما ذُكِر السَّفَرُ، وعَدَمُ وُجُودِ الكاتِبِ في الرَّهْنِ، ولَيسا شَرْطَين فيه، ثم إنَّ الآيةَ إنَّما تَدُلُّ على ذلك بدَلِيلِ الخِطابِ، وأبو حَنِيفَةَ لا يَقُولُ به، ولو كان حُجَّةً فالمَنْطُوقُ راجِحٌ عليه. فعلى هذا إذا تَيَمَّمَ في الحَضَرِ لعَدَمِ الماءِ، وصَلَّى، فهل يُعِيدُ إذا قَدَر على الماءِ؟ على رِوايَتَين؛ إحْداهُما، يُعِيدُ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ، لأنَّه عُذْرٌ نادِرٌ، فلا يَسْقُطُ به القَضاءُ، كالحَيضِ في الصَّوْمِ. والثانيةُ، لا يُعيدُ. وهو مذهبُ مالكٍ، لأنَّه أَتَى بما أُمِرَ به، فخَرَجَ عن العُهْدَةِ، ولأنَّه صَلَّى بالتَّيَمُّمِ المَشْرُوعِ على الوَجْهِ المشروعِ، فأشْبَهَ المَرِيضَ والمُسافِرَ، مع أنَّ عُمُومَ الخَبَرِ يَدُلُّ عليه. وقال أبو الخَطّابِ: إِن حُبِسَ في المِصْرِ صَلَّى. ولم


(١) أخرجه أبو داود، في: باب الجنب يتيمم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨٠. والترمذي، في: باب التيمم للجنب إذا لم يجد ماء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي ١/ ١٩٢. والنسائي، في: باب الصلوات بتيمم واحد، من كتاب الطهارة. المجتبى ١/ ١٣٩. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ١٤٦، ١٤٧، ١٥٥، ١٨٠.