للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَلْزَمُه يَمين؛ لأنَّ الإِقْرارَ أقْوَى مِن البَيِّنةِ، ولو قامَتِ البَيِّنةُ بذلك، فطَلَب المَشْهُودُ عليه يَمينَ خَصْمِه، لم يُجَبْ إليها، فكذلك الإِقْرارُ. والثَّانِي، يَلْزَمُه اليَمِينُ. وهو قولُ الشَّافعيِّ. وهو أوْلَى، لأنَّ العادَةَ جارِيَةٌ بأنَّ الانْسانَ يَشْهَدُ على نَفْسِه بالقَبْضِ قبلَه، فكذلك تُسْمَعُ دَعْواه، ويَلْزَمُ خَصْمَه اليَمِينُ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حُكْمِ العادَةِ، بخِلافِ البَيِّنةِ، فإنَّها لا تَشْهَدُ (١) بالحَقِّ قبلَه، ولو فَعَلَتْ ذلك ثم تَكُنْ عادِلَةً. وقال القاضِي: إن كان المُقِرُّ غائِبًا، فقال: أقْرَرْتُ؛ لأنَّ وكِيلي، كَتَب إلَيَّ بذلك، ثم بان لي خِلافُه. سَمِعْنا قَوْلَه، وأحْلَفْنا خَصْمَه. وإن أقَرَّ أنَّه باشَرَ ذلك بنَفْسِه، ثم عاد فأكْذَبَ نَفْسَه، لم يُحْلَفْ خَصْمُه. وهذا قولُ بَعْضِ أصْحابِ الشَّافعيِّ. فأمَّا إنِ اخْتَلَفا في القَبْض، فقال المُرْتَهِنُ: قَبَّضْتُه. وأنْكَرَ الرَّاهِنُ، فالقَوْلُ قولُ صاحِبِ اليَدِ؛ لأنَّه إن كان في يَدِ الرَّاهِنِ، فالأصْلُ معه، وهو عَدَمُ الإقْباضِ، ولم يُوجَدْ ما يَدُلُّ على خِلافِه، وإن كان في يَدِ المُرْتَّهِنِ، فقد وُجِدَ القَبْضُ، لكَوْنِه لا يَحْصُلُ في يَدِه إلَّا بعدَ قَبْضِه. وإنِ اخْتَلَفا في الإِذْنِ، فقال الرَّاهِنُ: أخَذْتَه بغَيرِ إذْنِي. قال: بل بإذْنِك. وهو في يَدِ المُرْتَّهِنِ، فالقَوْلُ قولُه؛ لأنَّ الظّاهِرَ معه، فإنَّ العَقْدَ قد وُجِدَ، ويَدُه تَدُلُّ على أنَّه بحَقٍّ. ويَحْتَمِلُ أن يَكُونَ القولُ قولَ الرَّاهِنِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الإِذْنِ. وهذا مَذْهَبُ الشَّافعيِّ. ذَكَر القاضِي هَذَين الوَجْهَين.


(١) بعده في م: «إلَّا».