للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نَمائِها. وهذا مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ مَحَلَّ النِّكاحِ غيرُ مَحَلِّ عَقْدِ الرَّهْنِ، ولذلك صَحَّ رَهْنُ المُزَوَّجَةِ، ولأنَّ الرَّهْنَ لا يُزِيلُ المِلْكَ، فلم يَمْنَعِ التَّزْويجَ، كالإِجارَةِ. ولَنا، أَنَّه تَصَرُّف في الرَّهْنِ بما يَنْقُصُ ثَمَنَه، ويَشْغَلُ (١) بعضَ مَنافِعِه، فلم يَمْلِكْه الرّاهنُ بغيرِ رِضَا المُرْتَّهِنِ، كالإِجارَةِ، ولا يَخْفَى تَنْقِيصُه لثَمَنِها، فإنَّه يُعَطِّلُ مَنافِعَ بُضْعِها (٢)، ويَمْنَعُ مُشْتَرِيَها مِن وَطْئِها وحِلِّها، ويُوجِبُ عليها تَمْكِينَ زَوْجِها مِن الاسْتِمْتاعِ بها، ويُعَرِّضُها بوَطْئِه للحَمْلِ الذي يُخافُ منه تَلَفُها، ويَشْغَلُها عن خِدْمَتِه بتَرْبِيَةِ وَلَدِها، فتَذْهَبُ الرَّغْبَةُ فيها، وتَنْقُصُ نَقْصًا كثيرًا، ورُبَّما مَنَعَ بَيعَها بالكُلِّيَّةِ. وقَوْلُهم: إنَّ مَحَلَّ عَقْدِ النِّكاحِ غيرُ محَل الرَّهْنِ. غيرُ صَحِيحِ؛ فإن مَحَلَّ الرَّهْنِ مَحَلُّ البَيعِ، والبَيعُ يَتَناوَلُ جُمْلَتَها، ولهذا يُباحُ لمُشْتَرِيها اسْتِمْتاعُها، وإنَّما صَحَّ رَهْنُ المُزَوجَةِ؛ لبَقَاءِ مُعْظَمِ المَنْفَعةِ فيها، وبَقائِها مَحَلًّا للبَيعِ، كما يَصِحُّ رَهْنُ المُسْتَأجَرَةِ. ويُفارِقُ الرَّهْنُ الإِجارَةَ، فإن التَّزْويجَ لا يُؤثِّرُ في مَقْصُودِ الإِجارَةِ، ولا يَمنَعُ المُسْتَأجِرَ مِن اسْتِيفاءِ المَنافِعِ المُسْتَحَقَّةِ له، ويُؤَثِّرُ


(١) في ر ١، م: «يستغل».
(٢) في ر ١: «بعضها».