للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وإنْ شَرَط أنَّه مَتَى حَلَّ الحَقُّ ولم يُوَفِّنِي فالرَّهْنُ لي بالدَّينِ، أو فهو مَبِيعٌ لي بالدَّينِ الذي عليك. فهو شَرْطٌ فاسِدٌ. رُوِيَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، وشُرَيح، والنَّخَعِيِّ، ومالكٍ، والثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأْي. ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ لِما رَوَى عبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ». رَواه الأثْرَمُ. قُلْتُ لأحْمَدَ: ما مَعْنَى قَوْلِه: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ»؟ قال: لا يَدْفَعُ رَهْنًا إلى رجل، ويَقُولُ: إن جِئْتُكَ بالدَّراهِمِ إلى كذا وكذا، وإلَّا فالرَّهْنُ لك. قال ابنُ المُنْذِرِ: هذا مَعْنَى قَوْلِه: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ». عندَ مالكٍ، والثَّوْرِيِّ، وأحمدَ. وفي حَدِيثِ مُعاويَةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، أنَّ رَجلًا رَهَن دَارًا بالمَدِينَةِ إلى أجَل مُسَمًّى، فمَضَى الأجَلُ، فقال الذي ارْتَهَنَ: مَنْزِلِي. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ». ولأنَّه عَلَّقَ البَيعَ على شَرْطٍ، فإنَّه جَعَلَه مَبِيعًا بشَرْطِ أنَّ لا يُوَفِّيَه الحَقَّ في مَحِلِّه، والبَيعُ المُعَلَّقُ بشَرْطٍ لا يَصِحُّ، فإذا شَرَط هذا الشَّرْطَ فَسَد الرَّهْنُ. وفيه رِوايَة أُخْرَى، أنَّه لا يَفْسُدُ؛ لِما ذَكَرْنا في الشُّرُوطِ الفاسِدَة. وهذا ظاهِرُ قولِ أبي الخَطّابِ في «رُءُوسِ المسائِلِ»، واحْتَجَّ بالحَدِيثِ المَذْكُورِ، نَفَى (١) غَلْقَ الرَّهْنِ دون (٢) أصْلِه، فدَلَّ على صِحَّتِه، ولأنَّ الرّاهِنَ قد رَضِيَ برَهْنِه مع هذا الشَّرْطِ، فمع بُطْلانِه أوْلى أنَّ يَرْضَى به. ولَنا، أنَّه رَهْنٌ بشَرْطٍ فاسِدٍ،


(١) في م، ق: «فبقى».
(٢) في ق، م: «على».