للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: إذا اشْتَرَى سِلْعَةً، وشَرَط أنَّ يَرْهَنَه بها شَيئًا مِن مالِه، أو شَرَطَ ضمِينًا، فالبَيعُ والشَّرْطُ صَحِيحٌ؛ لأنَّه مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ، غيرُ منافٍ لمُقْتَضاه، ولا نَعْلَمُ في صِحَّتِه خِلافًا إذا كان مَعْلُومًا. ومَعْرِفَةُ الرَّهْنِ تَحْصُلُ بالمُشاهَدَةِ وبالصِّفَةِ التي يُعْلَمُ بها المَوْصُوفُ، كما في السَّلَمِ، ويَتَعَيَّنُ بالقَبْضِ. والضَّمِينُ يُعْلَمُ بالإِشارَةِ إليه، ويَذْكُرُ اسْمَه ونَسَبَه (١)، ولا يَصِحُّ بالصِّفَةِ، بأن يَقُولَ: رجلٌ غَنِيٌّ. مِن غيرِ تَعْيِينٍ، لأنَّ الصِّفَةَ لا تَأْتِي عليه. ولو قال: بشرطِ رَهْنٍ. أو: ضَمِينٍ. كان فاسِدًا؛ لأنَّ ذلك يَخْتَلِفُ، وليس له عُرْفٌ يَنْصَرِفُ إليه بالإِطلاقِ. ولو قال: بشَرْطِ رَهْنِ أحَدِ هذين العَبْدَين. أو: بضَمِينِ (٢) أحَدِ هذين الرجُلَين. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ الغَرَضَ يَخْتَلِفُ، فلم يَصِحَّ مع عَدَمِ التَّعْيِينِ، كالبَيعِ. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ. وحُكِيَ عن مالكٍ، وأبي ثَوْرٍ، أنَّه يَصِحُّ الرَّهْنُ المَجْهُولُ، ويَلْزَمُه أنْ يَدْفَعَ إليه رَهْنًا بقَدْرِ الدَّينِ؛ لأنَّه وَثِيقَة، فجاز شَرْطُها مُطْلَقًا، كالشَّهادَةِ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قال: على أنَّ أرْهَنَكَ أحَدَ هذين العَبْدَين. جاز؛ لأنَّ بَيعَه جائِزٌ عندَه. ولَنا، أنَّه شَرَط رَهْنًا مَجْهُولًا، فلم يَصِحَّ، كما لو شَرَط رَهْنَ ما في كُمِّه، ولأنَّه عَقْدٌ يَخْتَلِفُ فيه المَعْقُودُ عليه، فلم يَصِحَّ مع الجَهْلِ، كالبَيعِ. وفارَقَ الشَّهادَةَ، فإنَّ لها عُرْفًا في الشَّرْعِ، فحُمِلَتْ عليه، والكَلامُ مع أبي حنيفةَ قد مَضَى في البَيعِ، فإنَّ الخِلاف فيه واحِدٌ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ المُشْتَرِيَ


(١) سقط من: م.
(٢) في م: «يضمنني».